لقد تبين بجلاء مدى التخبط الذي تقع النصرانية واليهودية، وذلك بعد التقدم المذهل في شتى المجالات العلمية، وبين ما توصل إليه العلم الحديث من حقائق ومعلومات، تتناقض مع الكتاب المقدس للنصرانية وكذلك كتاب اليهودية، في حين توافقها (الحقائق العلمية والمعلومات) مع ما أشار إليه القرآن الكريم وأخبر به، مع سبق (القرآن الكريم) في ذلك منذ أكثر من 1400 عام.
وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح جزءً من التناقض الجليّ، بين ما ينص عليه كتاب النصرانية وكذلك كتاب اليهودية، وبين ما شهد به العلم الحديث وأثبته، من خلال نقطتين نكتفي بالإشارة إليها على النحو التالي:
أولًا: عمر الأرض.
فنجد في سفر التكوين أحد أسفار كتاب اليهودية، وكذلك أسفار الكتاب المقدس للنصرانية المتضمن له، (تحت ما يسمى بالعهد القديم) قد نصّ على:
أن الله قد خلق الأرض في اليوم الأول، والشمس في اليوم الرابع، والإنسان في اليوم السادس، وأنه لا فترة زمنية بين عمر الأرض وعمر الإنسان عليها.
ونجد أن المدة الزمنية من خلق آدم إلى ميلاد المسيح باعتبار التوراة العبرانية (4004) سنة، وباعتار التوراة السامرية (4700) سنة، وباعتبار الترجمة اليونانية (5872) سنة.
ويتبيّن ذلك جليًّا من موقع الموسوعة الكاثوليكية، الذي يوضح الاختلافات الزمنية بين نسخ التوراة المختلفة، والمدة الزمنية من لدن آدم وحتى ميلاد المسيح، والتي تقدر بـ (5000) سنة.
وإذا ما أضيف إلى تلك المدة 2000 سنة منذ ولادة المسيح وحتى سنة 2000 ميلادية، يكون عمر الأرض، وعمر الإنسان عليها هو (7000) سنة (لأنه كما أوضحنا، فإنه لا توجد فترة زمنية بين عمر الأرض وعمر الإنسان عليها، وفقًا لما ينص عليه سفر التكوين).
ومن ثم يتبيّن التناقض مع ما قد اكتشفه العلم الحديث، وتوصل إليه، حيث:
إن العمر المقبول للأرض وباقي المجموعة الشمسية هو حوالي 4550 مليون سنة، وليس (7000) سنة كما تزعم النصرانية واليهودية.
ويتبين أيضًا: وجود الفارق الزمني بين خلق الشمس والأرض والإنسان، وأنه ليس كما تدّعي النصرانية واليهودية من عدم وجود ذلك الفارق الزمني.
ثانيًا: شكل الأرض:
ونجد أن الكتاب المقدس للنصرانية (المتضمن لكتاب اليهودية) ينص، واصفًا شكل الأرض، بأن لها 4 أركان أو زوايا، وذلك على النحو الآتي:
أ- «... ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض» (سفر إشعيا 11: 12).
ب- «النهاية قد أزفت على زوايا الأرض الأربع» (سفر حزقيال 7: 2).
ج- «ورأيت بعد ذلك أربعة ملائكة واقفين على زوايا الأرض الأربع» (سفر الرؤيا 7 : 1).
وفي ذلك إشارة إلى: أن الأرض عبارة عن مسطح رباعي، له أربع زوايا، وأربعة أركان.
د- «ثم أخذه أيضًا إلى جبل عالٍ جدًا وأراه جميع ممالك الأرض ومجدها» (متى 4 : 8).
أي أن الشيطان قد أسر المسيح (الإله المتجسد في صورة إنسان، عند النصرانية)، وأخذه على جبل عال ليريه ممالك الأرض.
ومع رفض الفطر النقية والعقول السوية، وعدم قبولها لمثل تلك الافتراءات على الله تعالى، والتي تزعمها النصرانية في النص السابق، نوضح تعارض وتناقض (النص السابق) مع قد اكتشفه العلم الحديث، وتوصل إليه، على النحو الآتي:
فالأرض لا يمكن رؤيتها كاملة، حتى وإن كانت تلك الرؤية من مكان عال، وذلك:
لأن الأرض كروية الشكل، وبمعنى أدق، فإنها بيضاوية الشكل.
ومن ثم، فإنه بفرض قوة الرؤية، والإرتقاء إلى مكان عالي لتسهيل عملية الرؤية، فإن ما يُرى من الأرض ليس بجميع ممالك الأرض، وإنما هو جزء منها، ويبقى أجزاء أخرى منها لا يمكن رؤيتها من نفس ذلك المكان، نظرًا لكرويتها وعدم تسطحها.
ولإتمام الفائدة، نوضح:
أنه إذا ما زعمت النصرانية بأن المقصود من الأربع زوايا للأرض، التي ينص عليها كتابها، هو: الاتجاهات الأربعة، خروجًا من ذلك المأزق، فإنه يُردّ عليها، بأن:
النص الإنجليزي يوضح بجلاء أن المقصود بزوايا الأرض الأربع هو: الأربعة أركان، وليس الاتجاهات، حيث يقول (4 corners) .
وأن الاتجاهات الأربعة قد ذُكرت في فقرة أخرى، وهي: «في الجهات الأربع كان البوابون في الشرق والغرب والشمال والجنوب» (1 أخبار 9 : 24).
توضيح آخر، وهو: أن النص الوارد ذكره في (سفر إشعياء 40: 22)، والذي يقول: «الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب» إنما هو إشارة قبل أي شيء إلى التحريف البيّن الذي ينال الكتاب المقدس للنصرانية، من خلال التلاعب بالألفاظ، وتغييرها وتبديلها، في أدنى ظهور لأي فرصة، يتم من خلالها ذلك.
حيث إنه بمراجعة الترجمات الأجنبية للنص السابق، يتبيّن أن لفظ (كرة) لا وجود له في التراجم الانجليزية، ولكن ما حدث هو:
أن المترجم العربي أراد إيهام القارئ باحتواء الكتاب المقدس النصرانية على إعجاز علمي، فأضاف كلمة (كرة) لتساير ما تم اكتشافه.
ويشهد لما ذكرنا: أن الترجمة السبعينية، وترجمة الملك جيمس، والترجمة الأمريكية القياسية.
حيث جاء بها بدلا مما يشير إلى لفظ كرة (الذي ابتكره المترجم العربي تلاعبًا بالألفاظ، عند ترجمته)، ما يعني عند ترجمته لفظ (دائرة).
حيث إن المذكور بالانجليزية في تلك الترجمات، هو: (The circle of Earth)، ويعني: دائرة الأرض.
ومن ثم يتبيّن التلاعب والتحريف البيِّن الذي ينال الكتاب المقدس للنصرانية، عند ظهور أي فرصة لذلك، كالتلاعب الحادث في ترجمة (The circle of Earth)، كما أشرنا.
وبمقارنة ما أشرنا إليه، بما قد أوضحه القرآن الكريم (كتاب الإسلام)، وأشار إليه (دون غموض أو تلاعب) من حقائق علمية في شتى المجالات، منذ أكثر من 1400 عام، يتبيَّن كمال مصداقيته، وأنه لا يمكن إلا أن يكون كلام الإله الخالق، الذي لا يعتريه أي خلل أو سوء أو نقصان.
ولتوضيح هذا الجانب من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، نذكر نموذجًا منه، ولكن: نوضح أولًا الإشارة القرآنية الكريمة إلى وصف الأرض التي نحيا عليها بلا أدنى غموض أو التباس، وذلك بموجز من اللفظ ودقة في الوصف.
فالله تبارك وتعالى يقول في كتابه المحكم (القرآن الكريم) واصفًا الأرض بما عليها بعد خلقها:
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ....﴾ [سورة الزمر: آية 5].
ومن الآية الكريمة السابقة، يتبين وصف الليل بأنه يُكوَّر على النهار، ووصف النهار بأنه يُكوَّر على الليل.
وفي ذلك إشارة دقيقة إلى وصف الأرض بشكل عام، وهو: كرويتها، لأنه لولا ذلك لما أمكن تكوير الليل على النهار أو تكوير النهار على الليل.
ويقول الله تعالى، في آية أخرى: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ [سورة النازعات: آية 30].
وفي هذه الآية الكريمة السابقة، وصف دقيق لشكل الأرض، وذلك باستخدام فريد، لكلمة واحدة، كإعجاز لغوي، قبل أن يكون إعجاز علمي.
حيث إن كلمة (الدحية) تعني: بيضة النعام في لغة العرب.
وهذا يعني أن الله تعالى قد جعل الأرض بيضاوية الشكل، كبيضة النعامة، وهذا هو ما قد اكتشفه العلم الحديث مؤخرًا، وهو: أن الأرض ليست كروية تمامًا، وإنما هي مُفلطحة عند الجانبين، منبعجة (متباعدة الجنبين)، كالدحية (بيضة النعام) تمامًا.
وكما ذكرنا، فإننا بمشيئة الله تعالى، سوف نشير في هذه النقطة إلى نموذج من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، ليكون شاهدًا على مصداقيته، وأن الإسلام هو دين الله الحق، الذي ارتضاه للعالمين.
يقول الله تعالى في كتابه المحكم (القرآن الكريم):
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [سورة الذاريات: آية 47]
ونوضح الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة من سياق حديث الدكتور/ زغلول النجار، بتصرف يسير.
فهذه الآية الكريمة السابقة يسمعها العربيّ قديمًا، في زمن الرسول r، ويتفهم معناها بأنه يقول في نفسه (مثلًا) السماء شاسعة الاتساع والذي خلقها بهذا الاتساع، قادر على أن يجعلها أكثر اتساعًا.
وفي مطلع القرن العشرين بدأ العلماء دراسة هذه النجوم (التي بالسماء)، ووسيلة دراسة هذه النجوم يكون عن طريق الضوء القادم من هذه النجوم.
فنحن نستطيع أن نعرف كل شيء عن النجم عن طريق ضوءه، حيث نعرف درجة حرارته، كتلته، درجة لمعانه، تركيبه الكيميائي، سرعة دورانه حول محوره، سرعة دورانه في مداره.
والعلماء أدركوا أن طيف النجم ينحاز إلى الطيف الأحمر، ومن ثم فقد احتار العلماء في تفسير ذلك، هل معنى هذا أن النجوم تتباعد عنا؟!
وإذا كانت تتباعد عن بعضها البعض، فأين تذهب الجاذبية التي تمسك بأطراف النجوم، بإرادة الله سبحانه وتعالى؟
واحتار العلماء لفترة طويلة، حيث ثبت أن الذي يتباعد ليست النجوم في المجرة الواحدة، بل إن المجرات تتباعد عن بعضها البعض بسرعة كبيرة جدًا، وتصل أحيانًا إلى ما يقترب من سرعة الضوء 300 ألف كيلو متر في الثانية.
لذلك، فقد ثبت للعلماء أن من صفات كوننا أنه دائم الاتساع، وهذا هو ما أوضحته الآية الكريمة: ﴿ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾، منذ أكثر من 1400 عام، حيث لم يكن لأحد أدنى معرفة بهذه الحقيقة الكونية.
ومن ثم، فإن الومضة القرآنية المبهرة (بهذه الآية الكريمة، التي نحن بصددها) كإعجاز لغوي وعلمي، شهادة حق على مصداقية القرآن الكريم (الذي جاء به النبي محمد r، داعيًا إلى دين الله الحق – الإسلام-)، وأنه كلام الله تبارك وتعالى الذي قد أوحاه إلى خاتم أنبياء ورسله محمد r .
وغير هذا النموذج الذي قد أشرنا إليه في إيجاز، الكثير والكثير من الإعجازات العلمية في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.
ولمزيد من النماذج في هذا الموضوع، يمكن الرجوع إلى:
1- من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم (السماء، الأرض، الحيوانات، النباتات) للدكتور/ زغلول النجار.
2- من آيات الإعجاز العلمي في السنة النبوية، للدكتور/ زغلول النجار.
3- موسوعة الإسلام والعلم الحديث، الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، للدكتور/ زغلول النجار.
4- إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، أ/ كريم نجيب الأعز.
5- هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق