الأحد، 25 ديسمبر 2011

مما قد حُفظ من التوراة مضمونًا، إيذانًا بالرسالة الجديدة، العالمية الخاتمة



لقد جاءت التوراة مُخبرة بنبي آخر الزمان محمد ، الذي سوف تُختم به جميع الرسالات، وقد كان اليهود ينتظرونه تبعًا لعلمهم بمجيئه من كتابهم (التوراة)، وهذا هو سرّ وجود اليهود بالمدينة، مهجر النبي محمد .
ولكن اليهود كانوا ينتظرون خروج هذا النبي المُبشّر به منهم (اليهود)، كغيره
من الأنبياء الكثيرين الذين كان خروجهم من بني إسرائيل (اليهود)، ولم يكن بخاطرهم أن خروج هذا النبيّ الخاتم سوف يكون من غيرهم، وهم العرب، والتاريخ نفسه شاهد على ما نقول:
حيث إن اليهود كانوا يتوعّدون العرب بالمدينة، بخروج هذا النبي (نبي آخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم) الذي ينتظرونه، وقتالهم (اليهود) معه ضدهم (ضد العرب).
فلما كان من مفاجئتهم بخروج هذا النبي الذي ينتظرونه من غيرهم، بل من العرب الذين كانوا (اليهود) يتوعّدونهم بقتالهم معه (النبي الذي ينتظرونه)، اشتدّ ذلك عليهم، وجحدوا نبوته ورسالته، ومن ثم رفضوا اتّباعه، بل خطّطوا مرارًا وتكرارًا لإفساد دعوته، ولصد الناس عنه، بل وقتله، ولكن الله تعالى هو غالب على أمره، وهو مُتمّ نوره ولو كره الكافرون.
وهذا هو سِرّ إيمان أهل المدينة بالنبي محمد ، لما علموا من اليهود أنفسهم الذين كانوا يُخبرون عنه، ويتوعدونهم بقتالهم معه، لا سيما وأنهم (اليهود) أهل كتاب (التوراة).
فاليهود كانوا ينتظرون إنجاز تحقيق 3 نبوءات، وهي:
مجيء النبي يحيى عليه السلام، ومجيء نبي الله المسيح عليه السلام، ومجيء النبي المنتظر بعثتة من بعدهما ولكن اليهود كشأنهم دائمًا في قتل الأنبياء، قاموا بقتل يحيى عليه السلام بعد مجيئه، ولم يؤمنوا بالمسيح عليه السلام، بل حاولوا قتله، وأيضًا لم يؤمنوا بالنبي المنتظر بعثته من بعدهما، وهو النبي محمد ، وحاولوا قتله.
وبمشيئة الله تعالى سوف نذكر بعضًا مما قد حُفظ بكتبهم مضمونًا، إخبارًا بهذا النبي الخاتم محمد r، إيذانًا برسالته العالمية الخاتمة، ومن ذلك:
أولاً: ما يقرأ بلغتهم (العبرية) على النحو التالي:
«ما تَعسو ليوم موعيد وليوم حج يهوه؟
كي هيني هالخو مشّود: مصرايم تقبّصِم، موف تقبرم، مَحْمد لخسبام، قموش ييراشم، حوح بأهليهم» (هوشع 9: 5 – 7).
ونشير بإيجاز إلى التفسير الصحيح لذلك النص على النحو الآتي:
فقول النص: «ما تعسو ليوم موعيد وليوم حج يهوه؟» يعني: ما أنتم عاملون ليوم الميعاد؟، حيث إن النص العبراني يقول: (ل – يوم)، ومعناها (ليوم).
وأما قول النصّ: «كي هيني هالخو مشّود: مصرايم تقبّصِم، موف تقبرم» فيعني: أن هؤلاء – الذين هم بنو إسرائيل – نجوا من البلاء الذي كان على يد فرعون وقومه، وأن مصر تأسرهم، ومنف – وهي مدينة مصرية قديمة – تقبرهم أو تدفنهم.
وأما قول النصّ «مَحْمَد لخسبام». وهو ما نودّ إلقاء الضوء عليه، فيعني: أن النبي محمد  سيتولّى تأديبهم (أي سيتولّى تأديب بني إسرائيل) في أموالهم.
وقد حصل ذلك بالفعل، عندما أجْلَى النبي محمد  يهود بني النضير إلى أعالى الشام وإلى خيبر.
ويُدَلّل على ذلك:
أ- أن قول النصّ «مَحْمد لخسبام»: إنما هو عبارة وجيزة مستأنفة، معناها الحرفي (مُحمّد لمالهم)، فـ (محمّد) اسم علم يشير إلى النبي محمد ، وليست صفة.
ب- أن «مَحْمد لخسبام» جملة مستقلة عن التي بعدها، لأنه إذا تُرجم النصّ حرفيًّا على أساس أن قوله «مَحمد لخسبام» مرتبطة بما يليه «قموش ييراشم» لصار ضمير الجمع يعود على المفرد، وهو ما لا يستقيم في اللغة العبرية.
جـ- أن (فيلهلم جسنيوس) في كتابه (نحو اللغة العبرانية) أورد أن تكون العبارة في أصلها «مَحمدي خسبام».
د- أن النصّ العبري ظلّ أكثر من ألف عام مُجرّدًا عن الحركات، إلى أن اضافها علماء اليهود وفق اجتهادهم، فأصابوا بعضًا، وأخطئوا وحرّفوا بعضًا.
فكلمة (مَحْمد) قبل التحريف كانت (محمد) دون حركات، وهذا ما يُجمع عليه علماء اليهود.
لذلك، فإنه لم يبق إلا الإذعان بأن (محمد) علمٌ يقصد به النبي محمد r([1]).  
وننوّه إلى:
أنه قد وردت كلمة (محمديم) أيضًا، ونهاية الكلمة (يم) للاحترام والتفخيم والعظمة، وبإزالة الزيادة يكون الاسم الوارد ذكره هو: محمد.
ثانيًا: لقد جاء بالتوراة التي بين أيدي اليهود اليوم، أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام: «أقيم لهم نبيّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به».
(سفر الإشتراع 18 : 18).
فهذا النص من النصوص القاطعة أيضًا لدى اليهود، على أن النبي الذي سوف يخرج في آخر الزمان ليس من بني إسرائيل، ولكنه من إخوة بني إسرائيل، وهم بنو إسماعيل.
ونُبيّن ذلك، بأن: إخوة بني إسرائيل إما العرب وإما الروم.
والعرب هم بنو إسماعيل عليه السلام، وإسماعيل عليه السلام هو أخو إسحاق عليه السلام والد يعقوب (إسرائيل عليه السلام).
والروم هم بنو العيص، ولم يقم من الروم سوى نبي واحد, وهو أيوب عليه السلام، وكان قبل نبي الله موسى عليه السلام، فلا يجوز إذن أن يكون هو الذي بشَّرت به التوراة.
لذلك، فإن النبي المُبشّر به في التوراة يكون من العرب (الذين هم بنو إسماعيل)، حيث لم يبقَ غيرهم، وهم إخوة لبني إسرائيل.
ولو كان النبي المُبشّر به من بني إسرائيل، لكان من الممكن أن يقول الله لهم (أقيم نبيًّا منكم)، ولكنه عز وجل قال: «أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم».
وإذا زعم قائل أن النبي المُبشّر به هو يوشع بن نون، يُرَدّ عليه بـ:
أن الله تعالى قال لموسى: «أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مِثلك» ومعلوم أن يوشع بن نون كان نبيًّا من أنبياء بني إسرائيل، ولكن النبي المُبشّر به إنما هو من إخوة بني إسرائيل وليس منهم.
وكما أشرنا، فإنه لو كان النبي المُبشّر به من بني إسرائيل لكان من الممكن أن يقول الله لهم: (أقيم نبيًّا منكم)، وذلك لأن أسباط بني إسرائيل الاثنى عشر كانوا موجودين مع موسى عليه السلام، لذلك فإن المراد من «إخوتهم» هم أولاد إسماعيل عليه السلام، وها هو ما يقبله العقل السليم الصريح.
وقد نصَّت التوراة على: أن إسحاق عليه السلام وأبناءه (الذين هم بنو إسرائيل) هم إخوة لإسماعيل عليه السلام، كما جاء في سفر التكوين (16/12): «وأمام إخوته يسكن» ويؤكد ما ذكرنا، قول الله تعالى لموسى عليه السلام «مثلك».
ومعلوم، أنه لا يقوم من بني إسرائيل نبي مثل موسى عليه السلام، لِما أخبرت التوراة بذلك، يعني: أنه يقوم نبي مثل موسى عليه السلام، ولكنّه ليس من بني إسرائيل.
وبما أن يوشع بن نون هو من أنبياء بني إسرائيل، فإنه ليس النبي المُبشّر به.
وكذلك إذا ما زعمت النصرانية بأن المسيح عليه السلام مثل موسى عليه السلام، فإن ذلك الزعم ليس بصحيح على الإطلاق، وذلك لأن المسيح عيسى عليه السلام ليس مثل موسى عليه السلام، ونُدَلّل على ذلك بالآتي:
أ- أن نبي الله موسى عليه السلام قد جاء بشريعة تامّة، وأما المسيح عيسى عليه السلام فلم يأت بشريعة جديدة، حيث قال: «ما جئت لأنقض، بل لأكمل» (إنجيل متى 5 : 17).
ب- أن مكانة المسيح في النصرانية غير مكانة موسى، لأنه وفقًا لاعتقادها: فإن المسيح إله (حسب زعمها) ولكن موسى ليس بإله، ومن ثم فإم المسيح لا يشبه موسى([2]).
ج- أن النصرانية تعتقد أن المسيح صُلب ومات مفتديًا خطايا العالم، ولكن موسى لم يمت مفتديًا خطايا العالم([3]).
د- أن النصرانية تعتقد أن المسيح مكث في قبره ثلاثة أيام، ولكن موسى لم يفعل ذلك([4]).
لذلك، فإن المسيح عيسى عليه السلام لا يشبه موسى عليه السلام.
إذن فليس المسيح هو النبي الذي بَشّرت به التوراة، ومن ثم يتبيّن بطلان ذلك الادّعاء الذي تزعمه النصرانية.
والحق القاطع: أن المماثلة بين محمد  وبين موسى عليه السلام واضحة جليّة، كرؤية الشمس في وضح النهار، ونُدلّل ذلك على النحو الآتي:
1-    أن كلًا من نبي الله موسى ونبي الله محمد قد وُلِد ولادة عادية، أي من أب وأمّ، ولكن المسيح قد وُلِد من أم فقط.
2-    أن كلا من نبي الله موسى ونبي الله محمد قد تزوج وأنجب أطفالًا، ولكن المسيح بقي أعذبًا.
3-  أن نبي الله موسى ونبي الله محمد قد تقبلهما قومهما كأنبياء خلال حياتهما، وذلك بعدما واجه كلا منها المتاعب والمشاقّ من أجل نشر دعوته ورسالته، ولكن الأمر على عكس ذلك بالنسبة للمسيح، وذلك وفقًا لما جاء في كتاب النصرانية (بإنجيل يوحنا 1:1) حيث يقول: «إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله».
4-  أن كلا من نبي الله موسى ونبي الله محمد قد هاجر من وجه أعداءه، فمحمد  هاجر إلى المدينة، وموسى عليه السلام هاجر إلى مدين.
5-  أن كلتا المدينتين اللتين هاجر إليهما نبي الله موسى عليه السلام ونبي الله محمد ، بينهما توافق في اسم كل منهما، فبين (مدين) و(المدينة) توافق.
6-  أن كلا من نبي الله موسى عليه السلام ونبي الله محمد  حارب أعداءه، وظفر بنصر الله
عز وجل.
7-  أنّ الله عز وجل مَكّن لموسى عليه السلام أن يحكم بين الناس بحكمه جل وعلا، وكذلك فقد مَكّن الله عز وجل لنبيه محمد  أن يحكم بين الناس بكتابه (القرآن الكريم) جل وعلا.
8-  أن كلا من نبي الله موسى عليه السلام ونبي الله محمد  قد جاء بشريعة جديدة تامة، ولكن المسيح عليه السلام لم يأت بشريعة جديدة تامّة، ويتبيّن ذلك مما جاء بكتاب النصرانية، وهو قوله: «ما جئت لأنقض بل لأكمل» (متى 5: 17).
9-  أن كلا من نبي الله موسى عليه السلام، ونبي الله محمد  قد توفّى وفاة بعيدة عن الصلب الذي تزعمه النصرانية بالنسبة للمسيح.
10-   أن كلا من نبي الله موسى عليه السلام، ونبي الله محمد  مدفون في الأرض، ولكن المسيح فإنه حسب زعم النصرانية يبقى في السماء.
ولما أوضحناه، يتبين أن كلمة «مثلك» التي جاءت بنص التوراة، تنطبق على نبي الله محمد ، لا غيره.
ولذا، فإن النبي محمد  هو من كان مثل نبي الله موسى عليه السلام.
ثالثًا: ولقد جاء في التوراة ما يلي:
«جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من ساعير، وتلألأ من جبل فاران» (سفر التثنية 33: 2).
وننوّه إلى: أن الترجمة العربية قد أسقطت بعد عبارة «وتلألأ من جبل فاران» عبارة «ومعه عشرة آلاف قديس»، وهو التعبير الذي يُقابل قول النسخة الإنجليزية من الإنجيل ما يلي: (And he came with ten thousand saints)
وذلك حتى لا تشير الفقرة السابقة إلى فتح مكة على يد النبي محمد، حيث إنه من المعلوم أن جبل فاران إنما هو بمكة، ومكّة هي مهد رسالة الإسلام التي جاء بها النبي محمد . ولقد هاجر النبي محمد من مكّة إلى المدينة بعد التعذيب الشديد من كفّار مكة للمسلمين، ثم رجع النبي محمد  إلى مكة مرة أخرى، فاتحًا لها ومعه عشرة آلاف صحابي جليل، هم من خيرة أصحابه ، وهذا هو ما تعنيه العبارة التي أسقطها مُترجم الإنجيل إلى اللغة العربية، وذلك حتى لا تشير بجلاء ووضوح إلى النبي محمد  وأصحابه الكرام([5]).
ولفهم النصّ السابق من التوراة، نوضح أن:
ساعير: هو اسم جبل في فلسطين.
وجبال فاران: هي جبال بمكة المكرمة، التي هاجر إليها إسماعيل عليه السلام مع أمّه السيدة هاجر.
ومما يؤكد أن جبال فاران هي جبال مكة، ما نصت عليه التوراة «وأقام إسماعيل في برية فاران» (سفر التكوين 21: 21).
وفي ترجمة التوراة السامرية التي صدرت 1851: «أن إسماعيل سكن برية فاران بالحجاز»، وهذا يؤكد أن جبال فاران هي جبال مكة المكرّمة.
ويؤكد ذلك أيضًا من كتبهم (اليهودية، والنصرانية)، ما جاء في (سفر التكوين 21: 14 – 21): «وعاد إبراهيم فأخذ الغلام وأخذ خبزًا وسقاءً من ماء ودفعه إلى هاجر وحمله عليها، وقال لها: اذهبي، فانطلقت هاجر، ونفذ الماء الذي كان معها، فطرحت الغلام تحت الشجرة وجلست مقابلته على مقدار رمية الحجر لئلا تبصر الغلام حين يموت،، ورفعت صوتها بالبكاء، وسمع الله صوت الغلام حيث هو، فقال لها الملك: قومي فاحملي الغلام، وشدّي يدك به، فإنه جاعله لأمة عظيمة، وفتح الله عينها فبصرت ببئر ماء، فسقت الغلام، وملأت سقاها، كان الله مع الغلام فتربّى وسكن برية فاران» (سفر التكوين 21: 14 – 21).
فبما أن الغلام هو: إسماعيل عليه السلام، والبئر هي: بئر زمزم.
إذن: فإن برية فاران هي التي بمكة المكرمة، وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه، ولا بديل له.

ونعود إلى ما جاء في (سفر التثنية 33: 2) في أول هذه النقطة، حيث:
إن النصّ الذي نقلناه من سفر التثنية يُشبّه نبوة موسى عليه السلام بمجئ الصبح «جاء الرب من سيناء».
ويُشبّه نبوة المسيح عيسى عليه السلام بإشراق الصبح «وأشرق لهم من ساعير».
ويُشبّه نبوة محمد  باستعلاء الشمس، وتلألؤ ضوءها في الآفاق، فهو r خاتم الأنبياء والمرسلين، فلا نبي ولا رسول بعده r «وتلألأ من جبل فاران».
ومثل ما نقلناه من سفر التثنية، أشار إليه القرآن الكريم، في قول الله تعالى:
﴿
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [سورة التين: 1 – 3].
حيث إن:
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ): إشارة إلى منبتهما، وهي الأرض التي ظهر فيها المسيح عليه السلام.
(وَطُورِ سِينِينَ): إشارة إلى المكان الذي كان فيه نبوة موسى عليه السلام.
(وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ): إشارة إلى المكان الذي بُعث فيه محمد  (وهو مكة المكرمة)، ومن قبله إسماعيل عليه السلام.
رابعًا: ولقد جاء بكتاب اليهودية وصف ونعت لهذا الرسول الخاتم محمد ، حيث جاء في (سفر إشعيا 29: 12):
«يُدفع الكتاب إلى من لا يعرف الكتابة، فيقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة».
فمن يكون هذا النبي الأمّيّ؟!
لا شك، أنه هو النبي محمد ، حيث إنه كما هو معلوم، كان أميًّا لا يقرأ ولا يكتب. فكانت أمّيّة رسول الله  شاهدة بنبوته وصدق رسالته، فهو  الأمِّيّ الذي علّم البشرية كلها متعلمها وجاهلها.
فهو  الذي علم البشرية قاطبة معنى التوحيد، والعبادة الخالصة لله عز وجل.
وهو  من جاء بهذا الشرع القويم، والتعاليم السامية، والأخلاق الرفيعة، والمعاملات الكريمة.

خامسًا: ولقد جاء في التوراة أن الله قال لموسى:
«فأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به» (سفر التثنية 18: 18).
حيث تنطبق هذه البشارة على النبي محمد ، ويدلِّل على هذا:
أن النبي محمد  كان يبتدأ تلاوته للقرآن الكريم بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وهي مُفتتح سور القرآن الكريم عدا سورة (التوبة).
والمسلمون يقرأون في مُفتتح سور القرآن الكريم (كلام الله تعالى): بسم الله الرحمن الرحيم، ومنها نتعرف على بعض أسماء الله تعالى وصفاته الحسنى.
سادسًا: ولقد نصّ أيضًا (سِفر الاستثناء) على وصف لقوم النبي محمد ، الذي أُرسل إليهم، حيث جاء به:
«هم أغاروني بما ليس بإله، وأغضبوني بمعبوداتهم الباطلة، وأنا أيضًا أغيرهم بما ليس شعبًا، وبشعب جاهل أغضبهم» (إصحاح 32، سفر الاستثناء 11).
ولا شك، أن هذا الوصف هو وصف لقوم النبي محمد  قطعًا، حيث إنهم لم يكونوا شعبًا، بل كانوا قبائل متناحرة متفرقّة، بغير ملك أو سلطان أو رئيس ...، إضافة إلى أنهم كانوا جاهلين بالقراءة والكتابة سوى القليل.
ولكن بعد مجيء النبي محمد  صاروا إخوانًا متحابّين، متكاتفين، وأصبحت لهم دولة عظيمة، وهي دولة الإسلام، قائدها وحاكمها هو النبي محمد ، وقد ذلّت لها أعظم إمبراطوريتين آنذاك (الفرس والروم)، وتقدّمت في شتى مجالات العلوم آنذاك، وقت تمسكها بهدي نبيها محمد  وبما حثّ عليه.
وقد حاول بعض علماء اليهود كذبًا أن ينسبوا تلك الجاهلية إلى الشعب اليوناني، من أجل أن يصرفوا ما يشير إليه ذلك النصّ السابق من وصف للعرب في جاهليتهم، ومن ثم صَرْف البشارات بالنبي المنتظر بعثته في آخر الزمان، والتي جاءت بكتبهم إلى غير النبي محمد ، ولكنهم خابوا في ذلك وفشلوا، لأن اليونان من قبل ظهور المسيح بمئات السنين كانوا متفوقين في العلوم والفنون، وسائر كتب العهد القديم التي يزعمونها.
ومن قليل ما أشرنا إليه يتبيّن لنا حفظ الله عز وجل لذكر نبيه الخاتم محمد  ووصفه، بالتوراة، التي بين أيدي اليهود، إيذانًا ببعثته، ورسالته العالمية الخاتمة.


([1]) مجلة البيان.
([2]) الاختيار بين الإسلام والنصرانية، للشيخ/ أحمد ديدات.
([3]) نفس المصدر.
([4]) نفس المصدر.
([5]) عتاد، للشيخ/ أحمد ديدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق