لقد نسبت النصرانية الألوهية إلى المسيح، بزعم أنه أحد أقانيم ثلاثة للإله الذي تتصوره، حيث تقول (النصرانية) بأن المسيح هو الإله الابن، وتعني بذلك: القول بأنه ابن الله.
وإذا ما كانت الألوهية قد نُسبت إلى المسيح لمجيئه ببعض المعجزات، تأييدًا من الله تعالى له، وشهادة بصدق رسالته، فماذا عن غير المسيح من الأنبياء والمرسلين،
الذين قد أتو بالكثير والكثير من المعجزات والخوارق أيضًا، تأييدًا من الله تعالى لهم، وشهادة بصدق دعواهم؟!!إن مما يوضح بطلان الزعم بألوهية المسيح في النصرانية، ويؤكد أنه ليس إلا أحد أنبياء الله تعالى ورسله، وذلك من الكتاب الذي تزعم قدسيته، الآتي:
أن المسيح لمَّا أظهر أحد معجزاته التي قد أيده الله تعالى بها، ما كان من الناس إلا أن قالوا: قد قام فينا نبي عظيم، وذلك كما ينصّ عليه إنجيل لوقا، حيث يقول:
«ومَجدوا الله قائلين: قد قام فينا نبي عظيم» (لوقا 7: 11 – 17)
مما يؤكّد أن المسيح لم يَدّع الألوهية أبدًا، ولم يُعلّم الناس مثل ذلك، وإنما أخبرهم بأنه نبي مُرسل من الله تعالى إليهم.
ولو كان المسيح مدّعيًا للألوهية أو أيًّا مما تزعمه النصرانية، لقال الناس في مثل ذلك الموقف السابق، الذي يخبر به إنجيل لوقا: قد قام فينا إله عظيم، ولكن معاذ الله أن يدّعي المسيح عليه السلام مثل ذلك الإدّعاء، فلم يقل المسيح إلا ما أمره الله تعالى به، ولم يكن أبدًا ليدّعي مثل ذلك الادّعاء الباطل.
وصدق الله تعالى إذ يقول في كتابه المحكم (القرآن الكريم): ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: 116-117]
ويؤكد ما ذكرنا أيضًا، أن الناس كانوا يلقّبون المسيح بالمُعلّم، ولم يكونوا يلقّبونه أبدًا بالإله، أو يلقب ابن الله، كما ينصّ على ذلك إنجيل يوحنا، حيث يذكر ما كان الناس يقولونه للمسيح كلقب، وذلك في الفقرة الآتية:
«يا مُعلم، نعلم أنك قد أتيت من الله مُعلّما» (يوحنا: 3: 1)
إلى غير ذلك مما قد أشرنا إليه في السابق، حيث قد قمنا بتوضيح بطلان الزعم بألوهية المسيح، ومن ثم عقيدة النصرانية، وذلك في نقاط سابقة.
ونوضح، أن كلمة (المسيح) مشتقة من الكلمة العبرية (مِسياه).
ومصدر كلمة (المسيح) في اللغة العربية (مَسَحَ)، بمعنى: دَعَكَ ودَلَكَ، ودَهَنَ.
وقد كان الكهنة والملوك يمسحون (أو يدهنون) بالزيت المُقدّس لديهم عند رسمهم بوظائفهم([1]).
ولقد نسبت النصرانية المسيح إلى أنه من نسل داود من جهة الجد، كما في (الرسالة إلى أهل رومية 1: 3)، والعجيب: أنه يدخل في نسل المسيح الذي تعتقد النصرانية بألوهيته، ما ينصّ كتابها على أنهم أولاد زنا، وهما (فارض وزارح) من ثامار.
بل ومن العجيب أيضًا، أننا نجد مثل ذلك التناقض البيّن الذي تقع فيه النصرانية، حيث إنه تناقض في أبسط الأمور، وهو ميلاد المسيح، حيث نُفاجئ بأن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانية تحتفل بميلاد المسيح في اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، بينما نجد أن الكنائس الأرثوذوكسية، مثل الكنيسة القبطية واليونانية والروسية، تحتفل بميلاد المسيح في السابع من شهر يناير.
وإذا كان مثل ذلك التناقض في النصرانية، يقع في أبسط الأمور، فما بالنا بما هو أعظم منها، فهل نجد اتفاقًا؟!! بالتأكيد: لا، حيث إن الطوائف النصرانية (من كاثوليك، وبروتستانت، وأرثوذوكس، ...) برهان ذلك.
ومما يثير الدهشة والعجب، أننا نجد أن المسحيين (عابدي المسيح) لا يحفظون وصايا المسيح التي يذكرها كتابهم (الكتاب المقدس للنصرانية).
وذلك على الرغم من قول المسيح: «إن كنتم تحبّوني فاحفظوا وصاياي»، كما ينص على ذلك (إنجيل يوحنا 14: 15).
وإذا ما تساءلنا: لماذا لا تحفظون تلك الشريعة والوصايا؟
فإن الجواب يكون منهم (المسيحيين) على النحو الآتي:
حيث يقولون بأن الشريعة قد سُمِّرت على الصليب، وهم يعنون بذلك أن الشريعة قد انتهت وأُلغيت، ثم يستطردوا الكلام بقولهم: نحن الآن نعيش تحت الرحمة والنعمة الإلهية([2]).
والتساؤل: إلى أي مدى يكون التضييع للتعاليم الدينية في النصرانية؟؟
بل والأكثر عجبًا، عدم الاستحياء من مثل ذلك التضييع لهذه التعاليم، والدفاع عن ذلك القول بمثل تلك المقولات الفارغة([3]).
ولقد نسبت النصرانية للمسيح، أنه قال لوالدته «يا امرأة»، كما جاء في إنجيل (يوحنا 2: 4)، وكأنه ممتهنًا لها، مُتناسيًا فضلها.
ولقد نسبت النصرانية للمسيح أيضًا، أنه قال:
«أتظنون أني جئت لأعطي سلامًا على الأرض، كلا أقول لكم بل انقسامًا»، كما ينصّ على ذلك إنجيل (لوقا 12: 51).
مما يدل على أن النصرانية قد نسبت المسيح إلى الدمويّة والوحشية، وإثارة الحروب والفتن، وإحداث الخراب والإنقسام.
ويؤكد ذلك في النصرانية، أننا نجد من الأناجيل ما يُخبر بأن المسيح قد أمر بذبح أعداءه الذين رفضوا ملكه عليهم، كما في إنجيل (لوقا 19: 27).
إلى غير ذلك مما تنسبه النصرانية إلى المسيح، من تهم وادّعاءات لا أساس لها من الصحة، كأحد أنبياء الله تعالى.
ونختم هذه النقطة بما يوضح خصوصية رسالة المسيح إلى بني إسرائيل، وذلك من الكتاب المقدس للنصرانية، حيث ينصّ إنجيل متى (15: 22- 26) على أن المسيح قال:
«لم أُرسَل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالّة». وذلك في آخر الحدث المذكور بإنجيل متى.
مما يؤكد على أنه لابد من مجيء رساله عالمية بعد رسالة المسيح، بحيث تكون رسالة خاتمة لجميع الرسالات السابقة، وإلى البشرية كافّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق