الأحد، 25 ديسمبر 2011

الإسلام وحل المشكلات التي عجزت عن حلها اليهودية والنصرانية، ومن ثم عالميته



لقد جاء النبي محمد  بالإسلام دينًا ، داعيًا إليه، مشتملًا على الحق، متضمّنًا لكافة أنواع الخير.
ومن الخير الذي جاء به الإسلام: حل جميع المشكلات على اختلاف أنواعها، بما فيها المشكلات التي قد عجزت عن حلّها اليهودية والنصرانية، ونموذج ذلك:

1- حلّ المشكلة العقدية: والتي تتعلق بتأليه النصرانية للمسيح، ومن ثم الاعتقاد بالتقاء الطبيعة الإلهية مع الطبيعة البشرية، والاعتقاد بأن السيدة مريم هو والدة الإله، في حين مناقضة اليهودية تمامًا للنصرانية في الإعتراف بالمسيح، حيث تُكذّب (اليهودية) بنبوته ورسالته (بنبوة ورسالة المسيح)، بل وتنسب أمّه إلى الفجور، ومن ثم فهي تنسب المسيح إلى الولادة بُغية، بطريق غير شرعي.
وفي ظلّ مثل تلك المعتقدات بين الإفراط والتفريط، جاء الإسلام بالقول الحقّ الوسط، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، جاء بالمعتقد الصحيح السليم، الذي تُقرّه الفطر النقية والنفوس الزكية، العقول الرشيدة، ولا تقبل غيره.
فالإسلام قد جاء بالقول الفصل، وهو: أن المسيح عيسى عليه السلام هو عبد الله ورسوله، وأن السيدة مريم العذراء (والدة المسيح) هي الطاهرة العفيفة، وأن حملها بالمسيح عليه السلام، كان بكلمة من الله تعالى (كن فيكون)، وفقًا لعلمه وحكمته سبحانه وتعالى وإرادته ومشيئته، فكما خلق سبحانه وتعالى آدم من غير أب ولا أم، فقد شاء سبحانه وتعالى أن تكون ولادة المسيح من غير أب.
ولقد جاء الإسلام بأن ميلاد المسيح عليه السلام، كان ميلادًا معجزًا، مُؤيّدًا بكلامه (المسيح) في المهد، تبرءةً لأُمّه مما قد نسبته اليهود إليها، وتمهيدًا لرسالته.
وأن الله تعالى قد رفع المسيح عليه السلام إلى السماء، وحال بين صلبه وقتله من أعداءه، ومن ثم فإن الإسلام قد جاء نافيًا تمامًا الادّعاء الذي تزعمه النصرانية، في إهانته وصلبه وتعذيبه وقتله، تكفيرًا لذنوب البشر، حيث إن مثل ذلك المعتقد إنما هو من أحطّ مراتب الكفر، وسبٌ عظيم للذكاء الإنساني.
فالكتاب المقدس للنصرانية، يقول: «عن ابنه (تقصد النصرانية: ابن الإله) الذي صار من نسل داود من جهد الجسد» (رسالة إلى أهل رومية 1 : 3).
وتزيد النصرانية على مثل ذلك المعتقد الفاسد، أن أدخلت في نسل إلهها المزعوم المتجسّد في صورة بشرية، ما ينص كتابها على أنهم أولاد زنا (فارض وزارح ، من ثامار)، مُعتقدة (النصرانية) أن السيدة مريم قد حملت بذلك الإله المتجسد، ومرّت بجميع مراحل الحمل، وأنها عند ولادتها له كانت تصرخ متمخضة ومتوجعة من أجل أن تلد، كما في إنجيل (لوقا 2: 6)
و(يوحنا 12: 2).
ولا شك أن الإسلام قد جاء ناقضًا تمامًا لمثل تلك الافتراءات والأكاذيب على الله تعالى.
ولقد جاء الإسلام نافيًا تمامًا ما تفتريه اليهودية على المسيح عليه السلام، ووالدته السيدة مريم، حيث تزعم اليهودية أن السيدة مريم قد ارتكبت الفاحشة، ومن خلال ذلك جاءت بولدها المسيح، ومن ثم فإن اليهودية لا تؤمن بنبوة المسيح وتكذّب برسالته، وتزعم أن (المسيح) قد صُلب وقتل.
فالإسلام قد جاء مُقرًّا لنبوة ورسالة المسيح عليه السلام، وأنه (المسيح) قد جاء داعيًا إلى وحدانية الله تعالى كشأن سائر الأنبياء والمرسلين، وأنه (المسيح) كان مؤيدًا بكثير من المعجزات الشاهدات على نبوته ورسالته، بما فيها معجزة كلامه في المهد، تبرءة لأُمّه السيدة مريم العذراء، وتمهيدًا لنبوته ورسالته.
ومما سبق يتبيّن لنا عظمة دين الإسلام في حلِّه لأكبر مشكلة في الاعتقاد بين أصحاب الشرائع السماوية، وتوحيده لهم في ظلّ معتقد صحيح سليم تُقرّه الفطر النقية والنفوس الزكيّة والعقول السويّة، وتتوافق وتنسجم معه أشدّ ما يكون التوافق والانسجام.

ولتمام الفائدة، نوضح:
أن الآذان في الإسلام، إعلان بدخول وقت عبادة الصلاة لإقامتها، وفيه يقول المؤذن:
أشهد أن لا إله إلا الله  أشهد أن محمدًا رسول الله
والشقّ الأول من الشهادة (أشهد أن لا إله إلا الله) يعني: توحيد الله تعالى في ألوهيته وربوبيته، وأسماءه وصفاته، وأنه لا شريك له في العبادة، وهذا هو الذي جاءت تدعوا إليه جميع الأنبياء والرسل.
والشقّ الثاني من الشهادة (أشهد أن محمدًا رسول الله)، مما يعنيه: استبعاد أن يكون محمد  مشاركًا للإله تعالى في ألوهيته، فيكون ذلك بمثابة التحذير مما قد وقعت فيه النصرانية من تأليه للمسيح وإشراكه للإله في ألوهيته.
ومما يعنيه الشق الثاني في الشهادة أيضًا: أنه لا شريك للنبي محمد  في الاتباع، ومن ثم فعلى الجميع أن يتبع النبي محمد r في هديه وسنته.
ومما سبق يتبيّن لنا شمولية الإسلام وعالميته، وختام رسالة النبي محمد  لجميع الرسالات السابقة.
فتشريع الإسلام للآذان مشتملًا على ما أوضحناه من معان، يكون بمثابة عمل الأنبياء والمرسلين، حيث الدعوة إلى توحيد الله تعالى في ألوهيته وربوبيته وأسماءه وصفاته، وأنه لا شريك له سبحانه وتعالى في العبادة، وذلك على مدار اليوم بأكمله حيث الآذان والإقامة لخمس صلوات متفرقات بالليل والنهار، وفي شتى بقاع الأرض حيث المساجد الكثيرة في مختلف الأقطار والبلدان. فالإسلام هو دين الله عز وجل، الذي قد وعد سبحانه وتعالى بحفظه.
2- حلّ الإسلام لمشكلة العنصرية، والقضاء على الكِبْر.
إننا نجد اليهود يُفضِّلون أنفسهم على غيرهم من البشر في عنصرية عجيبة مقيتة، حيث يُصوّرون أنفسهم بأنهم أبناء الله وأحباؤه بلا أدنى دليل أو برهان، وأن غيرهم قد خُلقوا لخدمتهم، أي أن اليهود يجعلون أنفسهم فوق البشر جميعًا، ويزعمون أنهم شعب الله المختار.
والأعجب من ذلك: أنهم (اليهود) ينسبون تلك العنصرية إلى إلههم، حيث يقولون بأن الربّ هو ربّ بني إسرائيل.
وإذا كان الأمر كذلك مثلما يزعم اليهود، فماذا عن غيرهم من البشر؟!
لا شك، أن الفطر النقية والعقول السويّة لا يمكن أن تقبل أيًّا من تلك الادّعاءات التي يزعمها اليهود.
ونجد أيضًا، أن النصارى ينسبون الألوهية إلى المسيح، وأنه كان متجسدًا في صورة بشرية، في ملامح أشبه ما تكون بشاب انجليزي أو ألماني ، ذي بشرة بيضاء، وعين زرقاء، وشعر أصفر. ... إلى غير ذلك.
ولا شك، أن تلك الصورة (المواصفات) المنسوبة إليها الألوهية، إنما تكون سببًا في نشأة العصنرية، حيث حدوث الفجوة الكبيرة بين الأوروبيين وغيرهم من الأجناس الأخرى التي تنتسب إلى النصرانية، من أصحاب البشرة السمراء أو غيرهم ممن هم على غير تلك المواصفات التي يوصف بها إله النصرانية، المزعوم تجسده في صورة بشرية.
وعلى نقيض اليهودية والنصرانية، فإننا نجد:
أن الإسلام هو الوحيد المتصدّي لمثل تلك المشكلة، مشكلة العنصرية، والتي قد انغمست في وحلها اليهودية والنصرانية وغيرهما.
فالمعيار الذي يُقاس به المرء في الإسلام هو تقواه لله عز وجل، وليس اللون أو الجنس.
ولنتعرف على موجز من كيفية تصدّي الإسلام لمشكلة العنصرية، من خلال التشريع الحكيم، الذي قد جاء به، وليكن أول ما نُشير إليه من هذا التشريع الحكيم:
أ- الصلاة: فالإسلام يوجب على المسلم الإلتقاء 5 مرات في اليوم مع إخوانه من المسلمين في الصلاة بالمسجد، الأبيض مع الأسود، والغني مع الفقير.
فالمسلمون على اختلاف جنسياتهم وتباين ألوانهم ومراتبهم يصطفّون مُتحازين كتفًا لكتف في أثناء الصلاة.
ويكون الاجتماع بين المسلمين على نطاق أوسع في يوم الجمعة، حيث يجتمع المسلمون في صلاة الجمعة بالمساجد الكبيرة الجامعة، على نطاق أوسع وأكبر.
ويجتمع المسلمون في تجمع أوسع وأشمل مرتين في العيدين، حيث يستحب ويستحسن أن تكون صلاة العيدين في الخلاء، مما يُتيح شعورًا أكبر بالأخوة الإسلامية، حيث التجمع الكبير للمسلمين([1]).
ب- الحجّ: وفوق ما أشرنا إليه من تجمع المسلمين على اختلاف جنسياتهم وألوانهم ومراتبهم في الصلاة، اللقاء الأكبر في رحاب الكعبة المشرفة مرة واحدة على الأقل في العمر لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا، وهذا هو اللقاء العالمي لكل مسلمي العالم على اختلاف جنسياتهم وألوانهم وأعمارهم ووظائفهم، لا سيما عندما يلبسون ثياب الحج الواحد.
والتساؤل المهم:
هل يوجد مثل هذه المساواة في أي شعيرة أخرى لأي دين آخر؟؟
الجواب: قطعًا، لا.
فالقاعدة الأساسية في المفاضلة بين بني البشر كما أُعلن عنها في كتاب الله عز وجل، هي: التقوى والعمل الصالح، والتخلّق بالأخلاق الكريمة، وحسن التعامل مع الله (آداء حقه جل وعلا) ومع الناس، وليس اللون أو الجنس أو المال([2]).
فهذا هو بلال الحبشي (من الحبشة) ذو البشرة السوداء، يختاره النبي r من بين أصحابه الكرام للقيام بمهمة الآذان، بينما يقف هو  في الإمامة.
فبعد أن كان العرب شديدي التفاخر بالأنساب قبل بعثة النبي محمد ، نجد هذه المساواة العجيبة والمؤاخاة الصادقة بين كل منهم بعد بعثته ، والدخول في دين الله (الإسلام) أفواجا. وهذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في شأن بلال الحبشي الذي كان من أوائل من أسلموا، وقد كان عبدًا فأعتقه أبو بكر، يقول: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا.
وأيضًا، نجد أن المسلمين فور وصولهم إلى أرض أسبانيا (الأندلس الإسلامية) أصدروا مرسومًا يُطمئنوا فيه الجميع، ويؤكدوا أن لجميع الرعايا ذوي الأجناس المختلفة تمتعهم بالحريّة دون تمييز بين الأجناس.
مما سبق يتبيّن لنا عالمية الإسلام، فهو المظلّة التي يتساوى تحتها الجميع، فلا فرق بين أبيض وأسود إلا بتقوى الله عز وجل.
فالإسلام يُقرّر مبدأ المساواة ، وأن الناس سواسية، وأنهم خُلقوا جميعًا من نفس واحدة، وأنه لا تفاضل بين الأجناس والأعراق والشعوب إلا بالتقوى والعمل الصالح.
3- قضاء الإسلام على الرِقّ
ونوجز هذه الجزئية في:
أننا نجد، أن في الشريعة اليهودية جُعل جزاء السارق أن يُسترق ويُصبح ملكًا للمسروق، ومن المعلوم أن الكتاب المقدس للنصرانية متضمن لكتاب اليهودية تحت ما يُسمى بالعهد القديم، ولكننا نجد أن الشرعية الإسلامية التي جاءت ناسخة للشرائع السابقة، قيّدت نظام الرقّ وعملت على إلغاءه بالتدريج، ومثال ذلك:
أن جعلت كفّارة بعض الذنوب تحريرًا لرقاب العبيد والإماء، ونموذج ذلك:
قتل المسلم للمسلم عن غير قصد، بحيث يجب على القاتل (عن غير قصد) حينئذ دفع الديّة لأهل المقتول، مع تحرير رقبة، مع بعض التفصيلات من الناحية الفقهية الإسلامية.
ونجد أن الشريعة الإسلامية جعلت عتق العبيد والإماء من أكبر أعمال البرّ التي يأجر الله تعالى عليها أجرًا كبيرًا.
فالشريعة الإسلامة هي الشريعة الخاتمة لجميع الرسالات السابقة، ومن ثم فإنه ولابد أن تكون متكاملة في كل نواحيها، بحيث تلائم مختلف الأزمنة، مع مرورها وتقادمها.

4- قضاء الإسلام على شرب الخمر.
ونوجز الحديث في هذه الجزئية بأن نشير إلى:
أن المسيحية لا تجد غضاضة في شرب المسكرات والخمور، بل إن قديسها (بولس) الذي تُنسب إليه القداسة يدعوا إلى ذلك، وقد أوضحنا ذلك في السابق.
وعلماء النصرانية (المسيحية) يقبلون جميع شواهد كتابهم المقدس الذي يزعمون قدسيته المتعلقة بالمسكرات والخمور باعتبارها كلام الله المعصوم، ومن ثم يتبيّن لنا كيف وصلت تلك الإحصاءات لشاربي الخمور والمسكرات في العالم المسيحي إلى تلك النسبة  المفجعة، حيث إن الملايين والملايين من العالم المسيحي من شاربي الخمور ومدمنيها.
بل إننا نجد أن الآلاف والآلاف من القساوسة المسيحيين يدمنون شرب الخمور، لا سيما بعد مشاركتهم في الشعيرة الكنسية التي يدعونها بالعشاء الإلهي أو الربّاني.
ولقد اكتشف العالم الحديث أن المسكرات والخمور والكحوليات تسبب الكثير والكثير من الأمراض الخطيرة والخبيثة، وقد أشرنا إلى ذلك سابقًا.
ومن هنا يتبيّن بطلان كلام قديس النصرانية (بولس)، ومن ثم بطلان الادّعاء بقداسته.
وعلى نقيض ما قد انغمست فيه النصرانية، نجد أن:
الإسلام هو من يُحرم جميع المسكرات والخمور بأنواعها المختلفة، سواءً كانت كثيرة أو قليلة.
ومن ثم تتضح مصداقية الإسلام في تشريعاته الإلهية الحكيمة، والتي قد جاء بها خاتم الأنبياء والرسل محمد r.
5- قضاء الإسلام على الرّبا
فنجد أن الإسلام قضى على تلك المشكلة من جذورها، حيث قام بتحريم الربّا كليّة، سواء كان كثيرًا أم قيلًا، وذلك لما له من أضرار جسيمة فادحة على الأفراد والمجتمعات.
ولذا فقد قرّرت إحدى الدول الكبرى في هذا الزمان انتهاج نهج الشريعة الإسلامية، بأن جعلت نسبته الفائدة صفرًا، لما شاهدته من انهيار في بورصة الكثير من الدول الكبرى بسبب تعاملاتها الربوية.
6- كيفية تعامل الإسلام مع زيادة نسبة مواليد الإناث عن الذكور، وحلّ مشكلة زيادة عدد الزوجات عن الأزواج
ففي حين أن النصرانية تقول بعدم السماح للزوج بأن يتزوج أكثر من امرأة، نجد أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بالتشريع الحكيم المتكامل الذي فيه حلّ جميع المشكلات، آخذة في الحسبان المشاكل المستقبلية الناتجة عن زيادة معدل مواليد الإناث عن الذكور، حيث أجازت للرجل أن يتزوج من أربع زوجات، إذا وجد في نفسه القدرة على ذلك، شريطة أن يعدل بينهن، ومن ثم معالجة مشكلة زيادة عدد الزوجات عن الأزواج.
وقد حاولت ألمانيا دراسة شريعة الزواج في الإسلام، لإمكانية الاستفادة منها كعلاج لزيادة عدد النساء عن الرجال إلى حدّ كبير.
ولمزيد من إلقاء الضوء على شريعة تعدد الزوجات في الإسلام، يمكن الرجوع إلى كتاب:  تعدد زوجات النبي محمد  كدليل نبوة وصدق رسالة.
وغير ما أشرنا إليه الكثير من المشكلات التي قد عجزت عن حلّها اليهودية والنصرانية، والتي لم يأت بالحلّ الأمثل لها سوى الإسلام.
ونختم هذه النقطة بإلقاء الضوء على ثلاثةٍ من الأمور العظيمة في الإسلام، والتي يتصور الكثير من الغرب عن الإسلام نقيضها، وذلك نتيجة توظيف الحاقدين على الإسلام للوسائل الإعلامية ضدّه، لتشويه صورته والصدّ عنه، وليكن أول ما نبدأ به:
1- رحمة الإسلام في ساحة القتال
لقد كانت أوامر النبي محمد  للمجاهدين واضحة ومحدّدة، فقد أوصاهم  بالإلتزام للآداب الإنسانية، حتى في قتل العدوّ.
فأوصاهم  بعدم التمثيل بجثث القتلى أو تشويهها.
وأوصاهم  بعدم قتل النساء والولدان.
وأوصاهم  بعدم قتل الشيخ الفاني (الكبير في السنّ، الذي لم يُقاتل).
وأوصاهم  بعدم قتل أصحاب الصوامع (الرهبان في الأديرة).
وأوصاهم  بعدم قتل عمّال العدوّ الذين يستخدمهم بالأجر في غير القتال.
كما أمرهم  بعدم الغدر، وعدم الاختلاس من الغنائم([3]).
وتاريخ الجهاد الإسلامي يؤكد ذلك كله، وشاهد عليه.
2- الصفح عند المقدرة
ويتضح ذلك جليًّا عند فتح النبي محمد  لمكة المكرمة، حيث دخلها النبي  في عشرة آلاف مقاتل، وأحاطها، وظنّ أهل مكة آنذاك الهلاك المبين.
وقد كان يحقّ لرسول الله  الثأر من القرية التي عذّبته هو وأتباعه، وأخرجتهم منها، ولكن لم يكن من نبي الرحمة r إلا الرحمة والصفح والعفو عن أهلها([4]).
ومن ثم إقرار هذا المبدأ (الرحمة والصفح والعفو) كمبدأ إسلامي، وأحد تعاليمه السامية.
وبمقارنة هذا المبدأ العظيم (الرحمة والصفح والعفو) في الإسلام، مع مبدأ الأنبياء الفاتحين الوارد ذكرهم في اليهودية والنصرانية، بعدما لوثت الأيدي الخفية سيرتهم([5])، نجد أنهم:
«قد استولوا على مدينة أريحاء، وأبادوا سكانها عن آخرهم، الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والبقر والغنم والحمير بحدّ السيف، وأحرقوا ثم أحرقوا المدينة بكل ما فيها» (يشوع 6: 0، 21، 24).
وهذا هو سرّ الهمجية التي يقوم بها مقاتلي اليهود والنصارى تجاه ما سواهما، ومن خالفهما، لا سيما المسلمين العُزّل من أقل ما يُحتاج إليه للقتال، وبخاصة في هذا العصر الحديث الذي قد تطورت فيه الوسائل الحربية بشكل كبير، والحروب الصليبية التي قامت بها النصرانية، ولا تزال، لاجتياح أراضي المسلمين وسرقة ثرواتها دليل ذلك، وأيضًا ما يقوم به اليهود من مذابح جماعية للعُزّل على أرض فلسطين برهان على ذلك.
حيث إنهم (مقاتلي اليهود والنصارى) قد استمدوا تلك الهمجيّة والوحشية من كتبهم التي بين أيديهم، بعد تحريفها والتغيير والتبديل فيها، وفقًا للأهواء وما يتماشى مع مطامعهم وأغراضهم.
3- تسامح الإسلام
فالتسامح هو أحد المبادئ العظيمة للإسلام، لا سيما تجاه أهل الكتاب (اليهود والنصارى)، حيث إنه لا إكراه في الدين.
والتسامح، هو مبدأ إسلامي معروف، فقد أمر الإسلام بحسن معاملة الناس أيًّا كانت عقائدهم، وأمر أتباعه بمجادلة أهل الكتاب (لتبيان الحقّ لهم) ومحاورتهم بالحسنى، ومطالبتهم بالبرهان على صدق دعواهم، فلم يأمر الإسلام بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا([6]).
فالإسلام هو الرسالة العالمية للناس كافة.
فقد كانت الرسالات السابقة للإسلام رسائل خاصة لأقوام بعينهم، أما رسالة الإسلام فهي رسالة عالمية للناس كافة، من أجناس وشعوب مختلفة، رسالة عالمية يقبلها أناس ذو مستويات متباينة من العلم والثقافة، رسالة عالمية يفهمها أناس بسطاء وعلماء.
فبينما نجد أسفار اليهودية والنصرانية مليئة بأمثلة وصفية مثيرة للصور الذهنية، لما قد انتابها من تناقضات وتعقيدات، نجد أن الإسلام رسالة عالمية واضحة لا غموض فيها ولا أسرار، رسالة عالمية يسيرة مُيسِّرة، لا تكلِف نفسًا إلا وسعها.



([1]) محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الطبيعي لعيسى عليه السلام، للشيخ/ أحمد ديدات، بتصرف يسير.
([2]) نفس المصدر السابق.
([3]) العنصرية، للشيخ/ أحمد ديدات، بتصرف يسير.
([4]) نفس المصدر السابق.
([5]) نفس المصدر السابق.
([6]) العنصرية، للشيخ/ أحمد ديدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق