الأحد، 25 ديسمبر 2011

فقدان مصداقية كتاب اليهودية



لقد أوضحنا في السابق أن التوراة التي أنزلها الله تعالى على نبيه موسى عليه السلام قد أصابها التغيير والتبديل والتحريف، بعدما نالت منها الأيدي الخفيّة ذات المصالح والمطامع والانقياد تبعًا للأهواء والشهوات.
لذلك، فإن ما بأيدي اليهودية ليست أبدًا بالتوارة التي قد جاء بها نبي الله موسى عليه السلام.

وقد أوضحنا في السابق ما يبرهن على فقدان مصداقية الكتاب الذي بين يدي اليهودية اليوم في عدة نقاط، حيث يتبيّن منها:
§       فساد المعتقد في ذات الله تعالى وفي صفاته وأفعاله، والافتراءات الكاذبة المنسوبة إليه.
§   الافتراءات الشنيعة على أنبياء الله تعالى ورسله، ورميهم بأقبح وأحطّ الافعال والرذائل، على الرغم من الاعتقاد بنبواتهم ورسالاتهم، كالادعاء بأن هارون النبي قد بنى معبدًا للعجل، وعبده وأمر بني إسرائيل بعبادته، كما هو مُصرّح به في (سفر الخروج، باب 132).
§   والزعم بأن سليمان النبي قد ارتدّ في آخر عمره، وكان يعبد الأصنام بعد الارتداد، وأنه قد قام ببناء المعابد لها، وغير ذلك، ومن ثم القدح في الصفات العليّة لله سبحانه وتعالى، والافتراء عليه جلّ وعلا بسوء الاختيار لأنبياءه ورسله، والجهل بما سوف يصدر منهم من مثيل تلك الأفعال المنكرة القبيحة، ومن ثم الجهل بالغيب.
§       التكذيب (من اليهود) ومحاولات القتل لكثير من الأنبياء والمرسلين، والنجاح في كثير من تلك المحاولات المنكرة.
§   الدعوة السيئة إلى القتل والمذابح والإبادات الجماعية لغير الجنس اليهودي، اقتداءً بما نسبوه كذبًا إلى أنبياءهم عند فتحهم لمدن ذات سكان غير يهوديين، وذلك نتيجة العنصرية التي يعتقدون بها، ويقومون بترسيخها في الأذهان، من تفضيل للجنس اليهودي على غيره من الأجناس البشرية الأخرى.
§   الدعوة إلى الاعتداء والاغتصاب والزنا من خلال افتراء الكثير من القصص الفاحشة، وضمّها إلى محتوياته (كتاب اليهودية)، لقراءتها وإثارة الغرائز الجنسية من خلالها.
وإضافة إلى ما سبق كبرهان على فقدان كتاب اليهودية لمصداقيته:
1- أنه لا يوجد سند متصل لأي من مكوناته (أسفاره).
حيث إنه من اللازم لكون الكتاب سماويًا واجب التسليم به، أن يثبت أولًا بدليل أن هذا الكتاب كُتب بواسطة النبي الفلاني، ثم وصل بعد ذلك بالسند المتصل بلا تغيير ولا تبديل([1]).
والاستناد إلى شخص بمجرد الظن لا يكفي في إثبات أنه كتاب سماوي([2])، ومن ثم فقدان مصداقيته.
2- ومما يبرهن على أن التوراة المشهورة الآن، ليست بالتوراة التي جاء بها نبي الله موسى عليه السلام، ومن ثم فقدانها للمصداقية:
أن الحديث عن نبي الله موسى، نجده يأتي بصفة الغائب، ومثال ذلك:
أن بالتوراة التي بين أيدي اليهودية اليوم، تظهر عبارات: قال الربّ لموسى، قال موسى للربّ .... هكذا.
أي أن الله تعالى ليس هو المحدث، وكذلك نبي الله موسى عليه السلام ليس هو المتحدث، وإنما المتحدث شخص آخر، هو من كتب ذلك، ويتحدث عمّا قال الربّ لموسى، وعما قاله موسى للربّ.
فنبي الله موسى لم يكتب مثل تلك الكلمات، لأنه لو كان هو الكاتب لها لقال: قال الربّ لي وأنا قلت للربّ([3]).
مما يبرهن على أن ما بأيدي اليهودية اليوم ليس أبدًا بكلام الله تعالى، حيث إن ما بين يديها (اليهودية) اليوم ليست بالتوراة التي جاء بها نبي الله موسى عليه السلام.
ومما يؤكد ذلك:
أننا نجد، أن الإخبار بنبأ موت نبي الله موسى عليه السلام يأتي بصيغة الماضي ... كما في (سفر التثنية، الإصحاح الأخير).
فهل يُعقل أن يكتب نبي الله موسى عليه السلام تفاصيل موته وغيرها بصيغة الماضي؟!
بالطبع: لا، لأنه لو كان الأمر كذلك (أن يخبر موسى بتفاصيل موته)، لجاء الكلام بصيغة المستقبل (سوف) لأنه لم يكن قد مات بعد.
ففي أكثر من 700 جملة من الكتاب الذي بين أيدي اليهودية، يتبيَّن أن الله تعالى لم يكن هو كاتبها، وأن كاتبها ليس بنبي الله موسى عليه السلام، ومن ثم فإن كاتبها إنما هو مجهول.
ونختم هذه النقطة بما يشهد به المدققون، الذين هم من أبرز علماء المسيحية، والتي يتضمن كتابها (الكتاب المقدس للنصرانية) محتويات كتاب اليهودية تحت مُسمّى العهد القديم، حيث يقولون في شأن أسفار (التكوين – الخروج – اللاويين – العدد – التثنية) والتي يُفترض أنها من كتب موسى، الآتي:
وهو، أن موسى عليه السلام لم يكتب هذه الأسفار، وإنه ليس بمؤلفها.
فمؤلف سفر التكوين، الذي هو من أول أسفار موسى (لدى اليهودية) مكتوب بين قوسين، وهكذا.
والتساؤل: لماذا بين قوسين؟!!
الجواب: لأنه إشارة إلى عدم كتابة نبي الله موسى لها.
3- وايضًا، نجد أن توراة اليهودية التي بين يدَيها الآن، مليئة بالأخطاء والتناقضات والتحريفات البينة وبمشيئة الله تعالى سوف نشير إلى جزء منها عند الحديث عن الكتاب المقدس للنصرانية، نظرًا لتضمنه لها، واحتواءه عليها، تحت مسمّى العهد القديم، وذلك حتى لا نلجأ إلى التكرار.
وبالإشارة إلى أحد نماذج تلك الاختلافات والتناقضات والتحريف البيّن، نوضح:
أن اليهودية تزعم بغير وجه حق أن إسحاق هو من قُدِّم للتضحية والذبح، عندما أمر الله تعالى نبيه إبراهيم بذبح ابنه في رؤيا له، كاختبار منه سبحانه وتعالى لنبيه إبراهيم، من حيث الانقياد والاستجابة لأوامره، والتنفيذ لها.
فاليهودية تزعم، أن كتابها يقول:
«وامتحن الله إبراهيم، فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب به إلى أرض المريا، فأخذ إبراهيم بيده النار والسكين، ونظر وإذا الكبش وراءه» (سفر التكوين، الإصحاح 22، عدد 2).
ولعلنا نلحظ أن الفقرة السابقة من سفر التكوين قد جاء بها كلمة (وحيدك).
وبالمقارنة مع نصين آخرين من كتاب اليهودية، إحداهما يقول:  «فولدت هاجر إسماعيل وكان عمر إبراهيم آنذاك ستًا وثمانين سنة» (سفر التكوين إصحاح 16 عدد 15).
والنص الآخر يقول: «وكان عمر إبراهيم مائة سنة حين ولد إسحاق ولده»
(سفر التكوين إصحاح 21 عدد 5)
ومن هذين النصين الآخرين، يتضح أن إسماعيل قد وُلِد قبل إسحاق بـ 14 سنة.
ومن ثم فإن إسماعيل هو من ينطبق عليه لفظة (وحيدك)، لأن إبراهيم عليه السلام لم يكن له ابن سواه إلا بعد 14 سنة من ولادة هاجر لابنها إسماعيل.
أما إسحاق، فلا يمكن أن ينطبق عليه لفظة «وحيدك»، لأنه عندما وُلِد كان لإبراهيم ابن منذ 14 سنة، وهو إسماعيل.
ويُدعّم ذلك ويؤكده: أن كتاب اليهودية ينصّ على أن الولد البكر هو الذي يُقدم للذبح.
وأن النص الذي بكتاب اليهودية قد أفاد بأن الحادثة (قصة الذبح) وقعت عند أرض المريا، وهي في بئر سبع، وهي المنطقة التي عاش فيها إسماعيل مع أمه.
ومما سبق يتبيّن لنا: أن كلمة (إسحاق) في النص الأول المذكور آنفًا في (سفر التكوين إصحاح 22 عدد 2)، ما هو إلا حشوٌ زائد وإقحام بيِّن، ومن ثم يتبيَّن لنا مدى التناقض والتحريف الذي قد نال من كتاب اليهودية، تبعًا للعنصرية المقيتة التي تعمل (اليهودية) على ترسيخها.
ويقول المسيحيون القدماء، بأن اليهود قد حرّفوا التوراة لتصير الترجمة اليونانية غير معتبرة، ولعناد المسيحية.
ومن قليل ما أشرنا إليه بتبيّن لنا بالأدلّة الدامغة والبراهين القاطعة، أن ما بأيدي اليهودية الآن ليست بالتوراة التي قد جاء بها موسى عليه السلام، لِمَا أصابها من التغيير والتبديل، والتحريف والتلويث، من قِبَل الأيدي الخفيَّة ذات المصالح والمطامع، والانقياد تبعًا للأهواء والشهوات.


([1])  إظهار الحق، للشيخ/ رحمة الله الهندي.
([2])  المصدر السابق.
([3])  مسموعات، للشيخ أحمد ديدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق