الأحد، 25 ديسمبر 2011

النبي الذي أُنزل عليه القرآن، ورسالته العالمية



لقد تحدثنا في النقطة السابقة عن مصداقية القرآن الكريم الذي أُنزل على النبي محمد
، والتي قد ثبتت (مصداقية القرآن الكريم) بالأدلة الدامغة والبراهين القاطعة، مما يُدلّل ويبرهن على صدق النبي الذي أنزل عليه هذا القرآن، وصدق رسالته، ومصداقيته في دعوته.

وإذا ما أردنا أن نوجز حديثًا عن هذا النبي الخاتم الأمين محمد  ورسالته العالمية الخاتمة في هذه النقطة، فإننا فقط نقوم بالردّ على ادّعاء بعض أعداء الإسلام الحاقدين، في إشارة عاجلة موجزة إلى عالمية رسالته وختامها للرسالات السابقة، ونُحيل من أراد المزيد من الحديث عن هذه النقطة إلى كتاب/ محمد رسول الله حقًّا وصدقًا.
بداية: نوضح أن التصديق بنبي مُرسل من الله تعالى، داعيًا إليه، هاديًا للبشرية إلى الصراط الحقّ المستقيم، الذي لا اعوجاج فيه، أقرب إلى العقل السليم والفطرة النقية من تكذيبه، فما بالنا إذا جاء هذا النبي المُرسل بما يشهد لنبوته ورسالته من معجزات وخوارق، تأييدًا من الله سبحانه وتعالى له.
فالنبي محمد قد جاء بالمعتقد السليم الصافي، الذي لا شائبة فيه ولا عكرات، وقد جاء بالكثير والكثير من المعجزات والخوارق، وأعظمها معجزة القرآن الكريم، الذي قد أشرنا إلى جانب من إعجازه في النقطة السابقة، تأييدًا من الله عز وجل لنبوته  ورسالته.
ولقد جاء النبي محمد  بالشرع القويم، الذي فيه علاج لكافّة المشكلات القديمة والحديثة، في الشرق والغرب.
ولقد جاء  بالعبادات الهادية والمعاملات الكريمة والأخلاق الرفيعة، والتعاليم السامية.
 ولقد حفظ الله سبحانه وتعالى السيرة الطيبة العطرة لخاتم أنبياءه ورسله محمد، تأييدًا منه تبارك وتعالى له، لتكون شاهدًا على صدق دعوته ورسالته .
فالله سبحانه وتعالى أعلم حيث يجعل رسالته، فكما أنه سبحانه وتعالى قد اختار نبيه موسى، وقد كان هاربًا من قوم الرجل الذي كان قد قتله عن غير قصد، إضافة إلى تعثّره في الكلام، وكما أنه سبحانه وتعالى قد اختار نبيه المسيح، وكان قومه يشكّون في نسبه، وفقًا لما يقوله كتاب النصرانية (لوقا 3: 23)، كذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد اختار نبيًّا أميًّا لأمة أميّة لا تعرف القراءة والكتابة، مع بلاغتها وفصاحتها، ونبوغها في فنون الشعر والنثر والأدب([1]). ولكنه  قد تخرج من مدرسته (مدرسة النبوة) العلماء في شتى مجالات الحياة، والفقهاء، والمحدثين، .... إلى غير ذلك.
وفي ذلك يقول (توماس كارلايل) أحد المفكرين، في محاضرة ألقاها يوم الجمعة الموافق (الثامن من مايو 1840م)، وكانت المحاضرة بعنوان: (عندما يكون البطل نبيًّا)، وكان المستمعون من الانجليكان، وهم المسيحيون الانجليز، الآتي:
«قوم رعاة أغنام فقراء، هائمون على وجوههم في صحراء، مجهولون، لا يعبأ بهم أحد منذ فجر التاريخ، أُرسل إليهم نبي بطل بوحي، فآمنوا به، انظر المغمورين، أصبحوا أفذاذًا بارزين، الفئة الصغيرة أصبحت عالمًا كبيرًا، وفي غضون قرن واحد وصلت العروبة إلى غرناطة بأسبانيا من جهةٍ، وإلى دلهى من جهة أخرى....، إن العقيدة هي الدافع القوي للحياة، تاريخ أمة أصبح مُثمرًا، روحها ارتفعت وارتقت بمجرد أن أصبحت صاحبة عقيدة».
وفي شأن النبي محمد ، يقول الفيلسوف البريطاني (جورج برناردشو): 
«إنني أعتقد أن رجلًا مثل محمد لو تسلّم زمام الحكم المطلق في العالم بأجمعه لتمّ له النجاح في حكمه، ولقاد العالم بأسره إلى الخير وحل المشاكل على وجه يحقق للعالم السلام والسعادة المنشودة».
ومن العجيب: أن نجد من يسعى جاهدًا بغير أدنى بصيرة، في الهجوم على رسالة النبي محمد ، بادّعاءه اختلاق رسالة النبي محمد  من اليهودية والنصرانية.
ويُرَدّ على مثل ذلك الافتراء بصفعة صاعقة لمُدّعية، وذلك أن:
1- وقت رسالة النبي محمد  ونزول الوحي عليه بالقرآن الكريم، لم يكن الكتاب المقدس للنصرانية بمحتواه من عهد قديم (التوراة التي يؤمن بها اليهود) وعهد جديد (الإنجيل ورسائل أخرى) قد ترجم إلى اللغة العربية بعد.
والتساؤل المهم:
فمن أين يأتي الاختلاق إذن، والقرآن الكريم الذي أُنزل على النبي محمد  إنما هو باللغة العربية؟!
لذلك، فإن القول باختلاق رسالة النبي محمد  من اليهودية أو النصرانية، إنما هو ادّعاء كاذب، وافتراء باطل.
2- أن رسالة النبي محمد  قد تعرّضت للقضية الأكثر خطورة لدى النصرانية وهي اعتقادها بألوهية المسيح، حيث جاءت (رسالة النبي محمد ) بنقض ذلك المعتقد تمامًا.
وأيضًا فإن رسالة النبي محمد  قد تعرّضت لنفس القضية بالنسبة لليهودية، والتي تُعدّ من أكثر القضايا خطورة لديها، وهي: سبَّها (سب اليهودية) للمسيح، وسبِّها لوالدته، وتكذيبها له، وادّعاء ولادته بطريقة غير شرعية، حيث جاءت (رسالة النبي محمد ) بنقض تلك الادّعاءات والافتراءات تمامًا.
ففي الوقت الذي تقول فيه النصرانية بألوهية المسيح، وأنه ابن الله، وأنه ثالث ثلاثة، وفي الوقت الذي تُكذّب فيه اليهودية برسالة المسيح، وتنسبه إلى الولادة بغية، وتنسب والدته إلى الزنا والفجور، في ذلك الوقت جاء النبي محمد  بالقول الوسط الصحيح، والمعتقد الصافي السليم، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، جاء (النبي محمد ) بالوحي الذي أوحاه إليه ربه تبارك وتعالى، وهو:
أن المسيح عليه السلام إنما هو عبد الله ورسوله، وأن ولادته كانت آية معجزة من الله جلّ وعلا، وأن ما ظهر على يديه من معجزات إنما هي بقدرة الله عز وجل، كغيرها من المعجزات والخوارق التي أجراها تبارك وتعالى على يدي نبيه محمد ، والأنبياء من قبله، تأييدًا من الله تعالى لهم، كدلالة بيّنة وشهادة واضحة على صدق دعوتهم ورسالتهم.
وكذلك الأمر بالنسبة للسيدة مريم، حيث تزعم النصرانية بأنها والدة الله، وعلى النقيض تمامًا تنسبها اليهودية إلى الزنا والفجور، ومن ثم كانت ولادتها للمسيح، في ذلك الوقت جاء النبي محمد  بالقول الوسط الصحيح، والاعتقاد الصافي السيلم، الذي أوحاه إليه ربه تبارك وتعالى، دون إفراط أو تفريط، وهو:
أن السيدة مريم ليست بوالدة الله، ولكنها في الوقت ذاته الطاهرة العفيفة، التقيّة النقيّة، التي قد أتت بولدها (المسيح عليه السلام) بإرادة من الله تعالى وحكمة منه، والتي (السيدة مريم) قد أيّدها ربها تبارك وتعالى بمعجزة كلام وليدها في المهد، تبرءة لها وتمهيدًا لرسالته.
لقد أُكرمت السيدة مريم في القرآن الكريم الذي جاء به خاتم النبيين والمرسلين محمد ، تكريمًا عظيمًا، لم تحظ (السيدة مريم) بمثله في الكتاب المقدس للنصرانية نفسه، من بين 66 كتابًا لطائفة البروتستانت النصرانية و 73 كتابًا لطائفة الكاثوليك النصرانية، وأكثر من ثمانين كتابًا لطائفة الأرثوذوكس النصرانية، ولا أدلّ على ذلك من أن الله سبحانه وتعالى قد اختصّها (السيدة مريم) في كتابه العظيم (القرآن الكريم) بسورة تسمّى باسمها، وهي (سورة مريم)، دون غيرها من نساء العالمين.
3- أن رسالة النبي محمد  قد جاءت بخير تشريع للعالمين، للناس كافة، على اختلاف فئاتهم، مناقضة تمامًا لما عليه اليهودية والنصرانية الآن من تشريعات تم تحريفها وتبديلها وتغييرها.
4- أن رسالة النبي محمد  قد جاءت ناقضة لما قد تضمنته التوراة بعد تحريفها والتي بأيدي اليهود اليوم وكذلك الكتاب المقدس للنصرانية، من أكاذيب وافتراءات باطلة على أنبياء الله ورسله، مُكذِّبة لها، وناقضة لتلك القصص الفاحشة المُنكرة، والتي ينسبها كلا من اليهود والنصارى إلى كلام الله، ومن ثم يؤمنون بها.
لذلك: فإن من هذه الأسباب المشار إليها، وغيرها، يتبيّن بطلان مثل تلك الدعوى الواهية باختلاق القرآن من اليهودية والنصرانية، وأنها ما هي إلا محض ادّعاء كاذب، وافتراء باطل.



([1])  محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الطبيعي لعيسى عليه السلام، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق