لقد كانت مشيئة الله تعالى أن تكون رسالة النبي محمد هي الرسالة الخاتمة لجميع الرسالات السابقة، وأن يختم بالنبي محمد جميع الأنبياء والرسل السابقين، وأن يكون الكتاب المُنزَّل عليه (القرآن الكريم) هو آخر الكتب السماوية، ومهيمنًا عليها.
فليس بعد مجيء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد أي نبي أو رسول آخر.
وليس بعد إنزال القرآن الكريم عليه ، أي إنزال لأي كتاب سماوي آخر.
ونظرًا لأن الكتب السماوية السابقة قد نالها التحريف والتغيير، والتبديل والتضييع، وذلك عندما وكّل الله تعالى حفظها إلى البشر، فقد كان من حكمته سبحانه وتعالى أن يتعهد هو جل وعلا بحفظه، حيث إنه ليس بعد إنزال القرآن الكريم أي إنزال لأي كتاب سماوي آخر.
كيفية وصول القرآن الكريم، وحفظه:
لقد كان حفظ القرآن الكريم حفظًا عجيبًا مبهرًا، حيث إنه كان يُحفظ أولا في الصدور قبل أن يُحفظ في السطور.
فقد كان القرآن الكريم ينزل به أمين السماء جبريل عليه السلام على النبي محمد مُفرَّقًا، حيث لم يكن نزوله جُملة أو دُفعة واحدة، وإنما كان نزوله (القرآن الكريم) على مدى 23 سنة، منذ بعثة النبي محمد ، وإلى وفاته.
وبعد ما ينزل أمين السماء جبريل عليه السلام بآيات القرآن الكريم على النبي محمد، ما يكون من النبي إلا أن يحفظها تمامًا عن ظهر غيب، ويقرأها على أصحابه الكرام، الذين آمنوا به، ويُسارع في تعليمها لهم.
ثم ما يكون من أصحاب النبي محمد إلا أن يُسارعوا في تعلمها (آيات القرآن الكريم) وحفظها تمامًا في صدورهم.
ثم يقوم أصحاب النبي محمد بتعليمها (آيات القرآن الكريم) لأولادهم وأزواجهم وذويهم وغيرهم بقدر ما يستطيعونه، بل ويُحفظوهم إياها، وهكذا.
بحيث صار القرآن الكريم كاملًا محفوظًا في الصدور قبل السطور.
ولقد ساعد في ذلك: أن العرب كانوا يُعرفون بأنهم أهل اللسن والبلاغة والفصاحة، وكانوا يتمتعون بسرعة الحفظ، ويتميزون بجودة الذاكرة، ويتضح ذلك من قصائدهم وأشعارهم، حيث كان بإمكان العربي في زمن بعثة النبي محمد أن يحفظ قصيدة من الشعر مكوّنة من مئات الأبيات (أبيات الشعر) بمجرّد سماعها.
وإضافة إلى حفظ القرآن الكريم في صدور أصحاب رسول الله ، كان رسول الله يأمر بكتابة ما أُنزل عليه من آيات القرآن الكريم فيما تيسَّر له آنذاك من العظام والجلود ولحى الأشجار، حيث كان له عدد من كُتَّاب الوحي ممّن أجاد القراءة والكتابة من أصحابه الكرام.
وعندما توفي النبي محمد ، كان القرآن الكريم قد حُفظ كاملًا في صدور الكثير من أصحابه الكرام، وفيما تيسَّر الكتابة عليه من العظام والجلود ولحى الأشجار.
وعندما تولى أبو بكر الصديق خلافة المسلمين، واحتفظ بكل هذه الوثائق التي قد كُتب عليها القرآن الكريم كاملًا، ثم احتفظ بها أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب بعدما تولى خلافة المسلمين من بعده، ثم أمر الخليفة الثالث للمسلمين عثمان ابن عفان بكتابة القرآن الكريم كاملًا في مصاحف، وذلك بعدما تقدمت الوسائل التي يمكن الكتابة عليها.
وهذا المصحف الذي أمر الخليفة الثالث للمسلمين عثمان بن عفان بكتابته هو الذي بين جميع المسلمين الموحدين لله تعالى إلى اليوم.
ونقصد المسلمين الذين قد عرفوا لرسول الله قدره، وحفظوا لأزواجه الأطهار منزلتهم، وحفظوا لأصحابه الكرام فضلهم.
وأما غير ما أشرنا إليه من فِرق مارقة قامت على أسس يهودية للطعن في الدين (الإسلام) والنيل منه، أمثال الشيعة الروافض وغيرهم، فهؤلاء لا تصحّ نسبتهم إلى الإسلام بالكليّة، وفساد معتقداتهم وتشريعاتهم برهان ذلك.
ولما أشرنا إليه يتبين لنا: أن القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي قد تعهّد الله تبارك وتعالى بحفظه، حيث إنه ليس بعده إنزال لأي كتاب سماوي آخر.
ومن ثم فقد حُفِظ القرآن الكريم حرفًا حرفًا، وكلمةً كلمة، وآية آية، بل وقد حُفِظ ترتيب آياته وسوره في الصدور والسطور على الوجه الذي قد ارتضاه الإله العليم الحكيم، الله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق