الأحد، 25 ديسمبر 2011

شبهات يروجها أعداء الإسلام (زورًا)، وإبطالها بموجز من الردّ عليها



لقد تبيَّن لنا مما سبق أن الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى للعالمين، وتبيَّن صدق دعوة نبي الإسلام محمد  وصدق رسالته، ومصداقية الكتاب الذي أوحاه ربه تبارك وتعالى إليه وهو القرآن الكريم، والذي به تستقيم البشرية على صراط الله المستقيم.
ومن ثم، فإنه يتوجب علينا أن لا نلقي بآذاننا لما يثيره أعداء الإسلام من
ادّعاءات كاذبة، وافتراءات باطلة، لأنه إذا ما تبيّن صدق الإسلام، ومصداقية القرآن، وبطلان غيره مما هو بأيدي غير المسلمين، فإنه يتأكد لنا أن ما يثيره أعداء الإسلام من ادّعاءات وشبه إنما هي دعاوي كاذبة، وافتراءات باطلة، قد قام علماء الإسلام بالردّ عليها وتفنيدها كاملة.
وعلى الرغم من ذلك نجد أن أعداء الله ورسله تأبى إلا الطريق المعوجّ، فيسعون جاهدين لإطفاء نور الإسلام، يسعون لإطفاء نور التوحيد الذي جاء به خاتم المرسلين محمد ، وذلك عن طريق إثارة شبهات باطلة، لا أساس لها من الصحة، ثم ترويجها في أوساط يغيب عنها الإسلام، حيث لا تعلم عن الإسلام شيئًا سوى اسمه فقط.
فما يروجه مثل هؤلاء الأعداء الحاقدين على الإسلام ليست إلا شبهًا واهية ساقطة، هجومًا عليه ونيلًا منه، وذلك من خلال صدّ الناس عن فهم حقيقة الإسلام وإدراك مقاصده، ومن ثم الصدّ عن الدخول في دين الله عز وجل.
وعلى الرغم مما يُروجه أعداء الله عز وجل من دعاوي باطلة وشبه ساقطة بأساليب ماكرة خادعة إلا أن ما يروجونه إنما هو في ذاته لصالح الإسلام، وذلك إذا ما تم بيان كذبه وبطلانه ومن ثم يكون بمثابة أحد البراهين القاطعة على أن الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى للعالمين.
فمع عظيم مكر وكيد الحاقدين على الإسلام وأهله نجد أن الله سبحانه وتعالى ينصر دينه ويتم نوره ولو كره الكافرون، فهو القائل سبحانه وتعالى:
﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ  * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [سورة الصف: 8 – 9].
وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح في هذا الفصل بطلان تلك الشبه التي يروجها أعداء الإسلام (افتراءً وكذبًا)، بموجز من الردّ عليها.
فنجد أن، أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا يُعطي الذكر مثل حظّ الأنثين في الإرث؟ أي لماذا شرع الإسلام أن يأخذ الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى في الميراث؟
ثم يتساءلون (أعداء الإسلام) في تعجّب: هل يُعدّ هذا عدلًا؟! أليس هذا ظلمًا للمرأة؟!
وذلك من أجل الهجوم على الإسلام بالباطل، ومن ثم النيل منه بغير وجه حق.
ونُوضّح بإيجاز ردًّا على مثل تلك الشبهة الواهية الساقطة، فنقول:
بداية، إن تشريع الإسلام بأن يأخذ الذكر ضعف نصيب الأنثى في الميراث ليس بظلم على الإطلاق، وإنما هو عدل كامل من إله عليم حكيم، وذلك لكثير من الأسباب، منها:
أن المرأة طوال حياتها مسئولة من الرجل، مكفولة منه، بمعنى: أن المرأة في مرحلة طفولتها ونشأتها تكون مكفولة من أبيها، فوالدها هو من ينفق عليها، وإذا ما تُوفي والدها فإن أخاها أو عمها أو خالها يُنفق عليها إلى أن تتزوج.
ثم إذا ما تزوجت (المرأة) صارت مسئولة عن زوجها، مكفولة منه، حيث إن زوجها هو من ينفق عليها، فالشريعة الإسلامية تلزمه بذلك، في حين أن المرأة ليت مُلزمة بأن تُنفق على زوجها أو نفسها أو أولادها (إذا ما صارت أمًّا)، ما دامت في كنف زوجها، حيث إنها مسئولة منه، وهذا طوال حياتها.
فالمرأة يعولها ويكفلها وليُّها (المسئول عنها)، مثل أن تتزوج ويعولها ويكفلها زوجها بعد الزواج، ويعولها ويكفلها أولادها إذا ما تُوفّى زوجها.
فنجد أن المرأة لا تلزمها الشرعة الإسلامية بالإنفاق، وإنما هي من يُنفق عليها، وذلك منذ طفولتها وطوال حياتها.
فإذا ما أخذت المرأة نصيبها من الميراث (نصف نصيب الرجل) فهو محفوظ بكامله لها.
في حين أننا نجد أن الرجل دائمًا هو من تلزمه الشريعة الإسلامية بالإنفاق، وليست المرأة، لما قد اختصه الله تبارك وتعالى من صفات تؤهله لذلك دون المرأة.
فالرجل هو من يُلزم دائمًا بالإنفاق على المرأة إذا ما صارت في كنفه، مسئولة منه.
لذلك: فإن الشريعة الإسلامية حينما أعطت المرأة نصف نصيب الذكر في الإرث (الميراث)، كان ذلك تكريمًا لها، لا سيما بعد أن كانت المرأة لا ترث شيئًا في الجاهلية، قبل ظهور الإسلام.
وأيضًا، فإن الشريعة الإسلامية حينما أعطت الذكر ضعف نصيب الأنثى فقط، كان ذلك عدلًا مطلقًا، وليس ظلمًا له (حيث إلزامه بالإنفاق على المرأة وليس العكس)، لأنها (الشريعة الإسلامية) قد أخذت في الحسبان ما قد اختصه الله سبحانه وتعالى من صفات دون المرأة، تؤهله لذلك.
مما يدل على: أن التشريع الإسلامي، العادل، الحكيم، لا يمكن إلا وأن يكون مصدره هو الإله الخالق ، الحكيم العادل.
2- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا شهادة الرجل في الإسلام ضعف شهادة المرأة وليستا متساويتين؟!
بداية: نوضح أنه من المعلوم أن الرجل قد اختصه الله تبارك وتعالى بصفات دون المرأة، تؤهله للقيادة والريادة وليس العكس، وهذا مما لا يختلف فيه اثنان من أصحاب العقول الرشيدة والنفوس الزكية.
ودليل ذلك: أنه إذا ما عُلِم أن شهادة الرجل ضعف شهادة المرأة، فإن ذلك لا تستنكره النفوس السويّة، بعكس الحال إذا ما قيل (افتراضًا) أن شهادة المرأة ضعف شهادة الرجل، حيث تستغربه وترفضه العقول الرشيدة، وتستنكره النفوس السويّة.
لأنه من المعلوم: أن الرجل هو من يتميز على المرأة بصفات خِلقية، اختصه الله بها دون المرأة، وليس العكس، ونُدلِّل عقليًا على أن تشريع الإسلام بأن شهادة الرجل ضعف شهادة المرأة هو من كمال العدل والتشريع، بالآتي:
من المعلوم أن طبيعة المرأة تجعلها بعيدة بصفة كبيرة عن مشاكل الحياة العامة، لوجود من يكفلها ويعولها منذ صغرها، وطوال فترة حياتها، كما أوضحنا في السابق، ومن ثم فإن من يتصدى لمشاكل الحياة المختلفة، والتي تتكرر على الدوام (حيث إن الدنيا دار ابتلاء وامتحان) هو الرجل وليس المرأة.
لذلك، فإن من يصلح للشهادة هو الرجل، وليست المرأة، حيث إنها بعيدة عن تلك المشكلات التي يواجهها الرجل، وإذا علمت بعض التفاصيل لمشكلة ما حدثت، فإنها يغيب عنها تفاصيل أخرى، نظرًا لأن الأصل في الإسلام:
هو أن تقرّ المرأة في بيتها، تعمل على تربية وتعليم أبناءها خير تربية وأفضل تعليم، مراعية لحقوق زوجها من تهيئةٍ للمناخ الأسري اللطيف الطيب، الذي يحتاجه بعد عناءه طوال يومه في عمله، دون أدنى عكرات بسبب إهمالها في المأكل أو الملبس أو نظافة ونظام المنزل .... أو إلى غير ذلك، وكذلك تعمل المرأة على مراعاة كافة الحقوق المختلفة لأبناءها (ذوي الأعمار المختلفة)، ومن ثم فإن عمل المرأة إنما هو في بيتها، بعيدًا عن المشكلات العامة، فلا يكون عملها بخارج بيتها مزيدًا من الإرهاق عليها، وأيضًا لا يوجد من الوقت ما يسمح بذلك العمل الخارجي، إذا ما قامت بعملها الداخلي (في بيتها) على خير وجه.
وإذا ما كان الأصل في الإسلام أن تقرّ المرأة في بيتها، فإننا نجد أن الرجل لا يتم عمله (في الغالب) إلا إذا اختلط بغيره من الناس على اختلاف طبائعهم، وتغايرها واختلافها معه.
لذلك، فإن عمل الرجل يكون خارج بيته (في الغالب)، ومن ثم التعرض لكثير من مشكلات الحياة المتكررة، بغض النظر عما إن كان هو ذاته طرف أساسي فيها، أو أن نصيبه منها هو أن يكون شاهدًا عليها.
وننوه إلى: أننا نجد أن شهادة المتعلم تتعادل مع شهادة الأميّ، وذلك: لأن صدق النقل الذي يترتب على الوجود والمشاهدة هو ما تعتمد عليه الشهادة وليست ثقافة العقول.
وأيضًا ننوه إلى: أن طبيعة المرأة من ضعف (عن الرجل) ومزيد من الخوف أو إلى غير ذلك من صفات (فُطرت عليها) ذات تأثير كبير على إتزانها وثبوتها ارتباكها ونسيانها عند الإدلاء بشهادتها، تجعلها في حاجة إلى من يهدئ من روعها ويثبتها ويُذكّرها، لا سيما إن كانت شهادتها في مشكلة كبيرة أو حادث خطير.
ولذلك: فإن الشريعة الإسلامية قد أخذت في حسبانها طبيعة المرأة الفطرية، ومن ثم كان التشريع الحكيم أن تكون شهادة المرأة يلزمها شهادة امرأة أخرى معها تثبتها وتذكرها في حال ارتباكها ونسيانها.
لذلك: فإن التشريع الإسلامي بأن شهادة الرجل ضعف شهادة المرأة إنما هو تشريع حكيم، لا يمكن إلا وأن يكون مصدره الوحي الإلهي من الإله الخالق تبارك وتعالى.
3- ونجد أيضًا: أن أعداء الإسلام يَدّعون كذبًا أن الإسلام يأمر بالوحشية وضرب النساء، ومن ثم يتساءلون في مكر وخداع: كيف تأمر شريعة الله بذلك؟! (قاتلهم الله).
بداية، نوضح حقيقة الادّعاء الكذاب الذي قد افتراه أعداء الإسلام، وهو:
أن الإسلام لم يأمر بالوحشية، ولم يأمر بضرب النساء مطلقًا، ولكنه أباح (أجاز) ضرب الرجل لامرأته كمرحلة ثالثة، عند نشوزها وعصيانها، ليس هذا فحسب بل إن إجازة الإسلام لأن يضرب الرجل زوجته، إنما هو مشروط: بأن يكون ضربًا غير مُبرّح، أي غير مؤثّر، فلا يُكسر فيه عظمًا ولا يؤثر فيها شيئًا.
فرسول الله  قد أمر المسلمين بأن يتقوا الله في النساء، وذلك في حديثه الشريف، حيث قال: «فاتقوا الله في النساء ....» (صحيح مسلم).
وأباح (أجاز)  أيضًا عند عصيان المرأة لزوجها وعدم طاعتها له، أن يضربها (كمرحلة ثالثة) شرط أن يكون الضرب غير مُبرّح، حيث قال: «فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبرّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» (صحيح مسلم).
ونوضح أيضًا، أن إجازة الشريعة الإسلامية لأن يضرب الرجل زوجته إنما يأتي كمرحلة ثالثة، بعد مرحلتي:
أ- الوعظ والتذكير                    ب- الهجر في المضاجع.
لقول الله تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [سورة النساء: 34].
ونشوز النساء يعني: ترفع المرأة عن طاعة زوجها وعصيانها له.
والهجر في المضاجع، يعني: كناية عن عدم قربهن (عدم قرب الرجل للمرأة) كمرحلة ثانية، بعد الوعظ، وعدم اتعاظهنّ.
والضرب، يعني: كما أوضحنا في السابق، وهو الضرب المشروط، أي الضرب الغير مؤثر، فلا يُكسر فيه عظمًا، ولا يؤثر فيها شيئًا، كأن يضرب الرجل امرأته بمسواك الأسنان، الشبيه بفرشاة الأسنان اليوم.
ومن ثم يتبيّن لنا: أن الإسلام لم يأمر بالوحشية، حيث إنه لم يأمر بضرب النسا، ولكنه أباحه بشروط، كمرحلة ثالثة، لتهذيب المرأة عند عصيانها لزوجها وعدم طاعتها له، وعدم استجابتها للموعظة (كمرحلة أولى)، وعدم ازدجارها بالهجر في المضاجع (كمرحلة ثانية).
ومن ثم يتبين لنا أيضًا: بطلان ذلك الادّعاء الكاذب الذي يحاول ترويجه أعداء الإسلام، وأن إباحة (إجازة) الإسلام لأن يضرب الرجل زوجته يأتي كمرحلة ثالثة، وبشروط (كما أوضحنا)، وأن ذلك من حكمة الشريعة الإسلامية لتهذيب المرأة الغير سوية، الناشز على زوجها، لأنه من المعلوم أن ليست النساء كلهن سواء.
فكما أنه يوجد نساء كريمات فضليات، فإنه يوجد أيضًا نساء غير سويّات، في حاجة إلى التهذيب من خلال تلك الوسائل الثلاث السابق ذكرها.
فالله تعالى أوجب على المرأة طاعة زوجها، حيث إن الزوج كثيرًا ما يتعرض للمشاق والصعوبات والمُضايقات، لتعرضه للكثير من مشاكل الحياة المتكررّة، فضلًا عما يبذله من جهد طوال فترة عمله، ومن ثم يعود من عمله متعبًا منهكًا، في غير استطاعة لاحتمال مزيد من التعب والعناء جرّاء عدم طاعة امرأته وعصيانها له.
فالحمد لله تبارك وتعالى الذي شرع هذا التشريع الحكيم، وجاء به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد.
4- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا تمنع الشريعة الإسلامية المرأة من أن ترتدي ما تشاء من لباس الزينة والتبرج والسفور، عند خروجها من بيتها؟! أليست تلك حرية شخصية؟!
بداية، ننوه إلى: أنه لا يمكن أن يوجد ما يسمى بالحريّة المطلقة، حيث إنه إذا ما دعا أحد إلى مثل تلك الحرية الزائفة فإن ذلك يعني: التعدي على حريّات الآخرين.
ومثال ذلك: أنه لا يستطيع أحد أن يرفع صوت المذياع إلى أقصى ما يمكن، لا سيما إن في وقت متأخر من الليل وفي وسط يعيش معه غيره (الجيران)، بزعم أن ذلك حريّة شخصية.
أو أن يترك سيارته في وسط  طريق عام بزعم أن ذلك حريّة شخصية.... أو إلى غير ذلك.
لذلك: فإنه لا يوجد ما يسمى بالحريّة الشخصية المطلقة، وإلا صارت مثل تلك المجتمعات الرافعة لذلك الشعار الزائف، مجتمعات تعمّها الفوضى، حيث يضيع فيها كل شيء.
فالإنسان ما هو إلا أحد مخلوقات الله تعالى، أي أنه ليس إلا عبدًا لله عز وجل.
لذلك: فإن سلوكيات الإنسان وتصرفاته ليست وفقًا لما تمليه عليه نفسه وهواه، وإنما هي منضبطة في إطار ما شرعه الله تعالى له، والله سبحانه وتعالى هو علام الغيوب، الحكيم الخبير.
ومن حكمة الشريعة الإلهية: أن جعلت سلوكيات الإنسان وتصرفاته بعيدة عن مثل تلك الحرية الزائفة التي نحن بصدد الحديث عنها، بعيدة عن التعدّي على حقوق الغير، منضبطة في إطار ما شرعه الله تعالى.
ومن ثم يتبيّن لنا: أن سلوكيات المرأة وتصرفاتها ليست وفقًا لما يمليها عليها تفكيرها، وإنما هي منضبطة كما ذكرنا، في إطار ما شرعه الله لها.
ومما لا شك فيه: أننا نؤمن بحكمة الله تعالى ومن ثم حكمة شريعته التي قد جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد .
ومما تتضمنه الشريعة الإسلامية الحكيمة التي بُعث بها النبي محمد .
منع المرأة من أن ترتدي ما تشاء من لباس الزينة والتبرج والسفور عند خروجها من بيتها، لما فيه من مخالفة لأوامر الله تعالى، ولما له من أخطار جسيمة عليها وعلى غيرها، ومن ثم الخطر على المجتمع بأكمله، وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح جزءًا من تلك الأخطار في النقطة التالية.
5- ونجد أيضًا أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا تقيد الشريعة الإسلامية من حريّة المرأة وتأمرها بالحجاب؟!
بداية ننوه إلى: أنه قد سبق وقد أوضحنا أن سلوكيات المرأة وتصرفاتها إنما هي منضبطة في إطار شريعة الله تعالى، والتي جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد .
ونوضح، أنه من حكمة الشريعة الإسلامية في أمرها بالحجاب الشرعي للمرأة:
- حماية المرأة والرجل ومن ثم المجتمع ككل من الفتن، وصيانته من الرذائل، لأن المرأة إذا لم تلتزم بتنفيذ أمر الله تعالى فيها بارتداءها للحجاب، ولم تقم بستر زينتها، وقامت بكشف مفاتنها لجذب الناس إليها، فإن ذلك يؤدي إلى انتشار الفاحشة، والانغماس في وحل الرذيلة، ومن ثم فساد المجتمع بأكمله (رجال ونساء)، وانحطاط المجتمعات الغير ملتزمة بالشريعة الإسلامية، أخلاقيًا، لا سيما المجتمعات الغربية، برهان ذلك.
ويتضح أيضًا، أن من حكمة الشريعة الإسلامية في إلزام المرأة بارتداءها الحجاب الشرعي:
- الحفاظ على استقرار الأسرة وأمنها، بحيث لا يُسرق رجل من زوجته نتيجة افتتانه بامرأة أخرى ممن خالفن الشرع الإلهي، وأبدين زينتهن ومفاتنهن، لا سيما إذا ما كانت زوجته قد تجاوزت مرحلة ما من عمرها، وبدأت نضارتها وجمالها في الفناء والذبول (حيث إن نضارة المرأة قد لا تتجاوز الـ 15 سنة من سن زواجها، إذا كان زواجها مبكرًا)، ومن ثم تهيئة المناخ المناسب لانتشار الرذائل والفواحش بين صفوف الرجال والنساء.
ويتضح أيضًا، أنه من حكم الشريعة الإسلامية في إلزام المرأة بارتداء الحجاب الشرعي:
- الحفاظ على المرأة والرجل على حد سواء.
حيث تحافظ الشريعة الإسلامية على المرأة من اعتداءات المجرمين المفسدين عليها، إثر انجذابهم إليها وافتتانهم بها، نتيجة كشفها لزينتها، وعدم ارتداءها للحجاب الشرعي الذي أمرها الله تعالى به.
وأيضًا تحافظ الشريعة الإسلامية على الرجل أيضًا من الوقوع في مثل تلك المحرمات والكبائر، والرذائل المنكرة، إثر افتتانه بامرأة ما غير ملتزمة بالحجاب الشرعي الذي أمرها الله تعالى به.
ومن ثم الحفاظ على المجتمع بأسره من الإنحطاط الخلقي، والنهوض به إلى مستوى أخلاقي رفيع، قائم على تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى واجتناب نواهيه، ومن ثم الخضوع لسلطان الله تعالى، والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
وغير ما ذكرنا الكثير والكثير من الحكم الجليلة في إلزام الشريعة الإسلامية للمرأة بارتداء الحجاب الشرعي، ولكن نكتفي بموجز ما أشرنا إليه.
ولتمام الفائدة، نوضح: إحدى الحكم الجليلة للتشريع الإلهي بتحريم النظر عمدًا إلى المرأة الأجنبية (الغير محرّمة عليه شرعًا، بحيث يمكنه الزواج منها) إضافة إلى كونه تشريع إلهي، يلزَم الجميع تنفيذه، خضوعًا لسلطان الله تعالى في خلقه.
وهذه الحكمة التي نودّ أن نشير إليها، هي:
أن نظرة الرجل للمرأة هي بداية نزوعه إليها، وإثارة شهوته تجاهها، فيكون نتيجة ذلك الوقوع في كبائر الذنوب والمعاصي، ومن ثم فساد الفرد والمجتمع لانتشار مثل تلك الفواحش والرذائل.
لذلك: فإن تحريم الشريعة الإسلامية للنظرة إلى المرأة الأجنبية عمدًا، إنما هو حفاظ على سلامة وأمن الفرد والمجتمع ومن ثم استقراره.
ونعود ثانية إلى الحجاب الشرعي للمرأة، والذي أمرت به الشريعة الإسلامية، حيث يتأكد لنا من قليل ما أشرنا إليه:
أن الحجاب الشرعي للمرأة هو أكبر تأمين لها من حيث الحفاظ عليها وعلى زوجها، ومن ثم استقرار الحياة الزوجية، وصيانة المجتمع من الرذائل والفواحش، فلو أن الإسلام لم يأمر بالحجاب، لكان على المرأة أن تلتزم به وأن تدعوا إليه.
فالحمد لله على شريعة الإسلام، وأن جعلنا من أمة خير الأنام محمد ، الذي جاء بخير شرع هدى ورحمة للعالمين.
6- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا أجاز الإسلام تعدد الزوجات للرجل؟!
بداية ننوه إلى: أن في إجازة الشريعة الإسلامية لتعدد الزوجات حكم جليلة وفوائد عظيمة، تشهد بأن الشريعة الإسلامية إنما هي شريعة إلهية حكيمة، وللاستفاضة في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى كتاب: تعدد زوجات النبي محمد  كدليل نبوة وصدق رسالة، جمع وترتيب/ محمد السيد محمد.
ويمكن أن نشير إلى بعض من هذه الحكم الإلهية الجليلة في إجازة الشريعة الإسلامية لتعدد الزوجات، كما يلي:
أ- أن الشريعة الإسلامية لم تأت لتقتل شهوة الرجل وغريزته الطبيعية التي فطره الله عز وجل عليها، وإنما جاءت لتوجهها وتسيّرها الاتجاه والمسار الصحيح، وفقًا لما يريده ويرتضيه الله تبارك وتعالى.
ب- أن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة بأن الرجال أقل عددًا من النساء، وأن الرجال أكثر تعرضًا لأسباب الموت منهن، في جميع ميادين الحياة([1])، لا سيما الحروب، ويدلل على ذلك: الحروب الحديثة، كالحرب العالمية الأولى والثانية، والتي هلك فيها ملايين الرجال، وأصبحت جماهير غفيرة من النساء ما بين أبكار ومتزوجات بعد فقد عائلهن بلا زواج.
فلو أن الزوج اقتصر في زواجه على واحدة فقط لبقي عدد ضخم من النساء محرومًا من الزواج، مما يضطرهن إلى ركوب الفاحشة، والانحطاط إلى درجة البهائم في عدم الصيانة والمحافظة على الشرف والمروءة والأخلاق([2]).
ج- أن الإناث كلهن مستعدات للزواج، وذلك وفقًا لما جاءت به الشريعة الإسلامية الحكيمة، لأن الأصل في لوازم النكاح والزواج أنها جميعًا تقع في عبء ومسئولية الرجل، من توفير للمسكن والفراش والصداق والملبس والمأكل والمشرب وتوفير احتياجات الزوجة، ومن حيث الإنفاق عليها، وذلك كله تكريمًا للمرأة، خلافًا لما جرت عليه العادات في هذا الزمان([3]).
لذلك، فكثير من الرجال لا قدرة لهم على القيام بلوازم النكاح.
فالمستعدّون للزواج من الرجال أقل من المستعدات للزواج من النساء، لأن المرأة لا عائق لها، أما الرجل فيعوقه الفقر وعدم القدرة على لوازم النكاح([4]).
فلو اقتصر الرجل بالزواج من امرأة واحدة لضاع كثير من المستعدات للزواج أيضًا لعدم وجود أزواج، فيكون سببًا لضياع الفضيلة وتفشي الرذيلة، والانحطاط الخلقي، وضياع القيم الإنسانية، كما هو واضح في المجتمعات النصرانية واليهودية وخاصة المجتمعات الغربية، لا سيما في كنائسهم ومعابدهم، في أوقات مرحهم وأعيادهم المزعومة، فلا يُرى إلا كل مُنكر وفسوق.
وكما هو معلوم، فإن كثيرًا من الدّاعين للنصرانية (المبشرين لنصارى) يقعون في مثل تلك الرذائل والإباحيات، حيث قد افتضح أمرهم من خلال الوسائل الإعلامية الخاصة بهم أنفسهم، ولا مجال لأحد منهم أن ينكر ذلك.
د- يوجد من الرجال من قد منحهم الله سبحانه وتعالى قوة وطاقة (على غير المعتاد) وسعة في أرزاقهم، وكما أشرنا، فإن الإسلام لم يأت ليقتل شهوة الرجل وغريزته الفطرية، بل جاء ليوجهها ويُسيّرها الاتجاه والمسار الصحيح.
فلقد أجاز الله سبحانه وتعالى تعدد الزوجات رحمة منه سبحانه وتعالى لمثل هؤلاء، وتوسعة منه تبارك وتعالى على عباده المؤمنين، وخاصة أن المرأة يأتي عليها وقت تحيض فيه شهريًا، ووقت تنفس فيه بعد الولادة، فلا يستطيع الزوج مجامعة زوجته آنذاك أو عند مرضها.
وأيضًا، حتى لا يكون إرهاقًا للزوجة الواحدة، فيكون تعدد الزوجات آنذاك (إلى أربع زوجات) رحمة للمرأة أيضًا، وتخفيفًا عنها، ولكن شرط أن يعدل الزوج بينهن (زوجاته) جميعًا.
هـ- يوجد من الرجال من هو دائم الترحال والسفر بين دولتين أو أكثر مع طول أو قصر المسافة بينهما، وذلك من وقت لآخر موافقة لعمله.
فقد يطول سفره أو يقصر، وليس بإمكانيته المحدودة اصطحاب زوجته معه في كل سفر، لا سيما إن كان قد رُزق بالأولاد، وفي مراحل تعليمية مختلفة، فكان من رحمة الله سبحانه وتعالى بنا، وبمثل هؤلاء أن أحلّ لنا تعدد الزوجات، صيانة ومحافظة على الفضيلة، وعدم تفشي الرذيلة والوقوع في المحرّم، وخاصة إذا كان العمل والسفر بين دولتين منتشرًا فيهما الفتن والفواحش والرذائل، كالدول الغربية التي على غير شريعة الإسلام.
مع التنويه إلى: أنه يُشترط أن لا تطول مدة سفر الزوج وغيابه عن زوجته عن الحد اللائق الذي قد تتأذى فيه المرأة، فيكون سببًا في معاناتها.
وكما أشرنا، فإنه يُشترط أيضًا أن يعدل الزوج بين زوجاته جميعًا، رحمة وحكمة من الله سبحانه وتعالى.
د- يوجد كثير من الأزواج الذين تتوفر فيهم الرغبة في كثرة الأولاد والنسل والعشيرة الصالحة، مع قوة وطاقة في أبدانهم وسعة في أرزاقهم.
فلم يُضيق عليهم ربنا تبارك وتعالى بتحجيم هذه الرغبة الحسنة، ولكن شرط:
القدرة على الإنفاق عليهن (الزوجات) والتربية والمعاملة الحسنة لهن، على أسس من الخير والفضيلة، مُستمدّة من شريعة الله عز وجل، قائمة على تقواه جلّ وعلا وتطبيق شرعه.
وغير ذلك الكثير من الحكم الجليلة والفوائد العظيمة إثر إجازة الشريعة الإسلامية لتعدد الزوجات ولذلك، فإنه لا يسعنا إلا أن نقول: الحمد لله على نعمة الإسلام وشريعته الحكيمة السمحاء، وكفى بها نعمة.
7- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا شرّع الإسلام الختان؟!
وقبل أن نوضح حكمة الإسلام في تشريعه للختان (للذكور والإناث)، نبيّن:
أنه قد جاء في التوراة التي يؤمن بها اليهود، والتي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية، تحت مسمّى (العهد القديم)، ما يدل على أن الختان هو شريعة الأنبياء والمرسلين، حيث جاء في سفر التكوين:
«وختن إبراهيم إسحاق ابنه وهو ابن ثمانية أيام كما أمر الله» (سفر التكوين،
إصحاح 21، فقرة 4).
ومع ذلك، فإننا نجد (على سبيل المثال لا الحصر) أن الكنسية الكاثوليكية ترفض ختان الإناث، مما يؤكد أن مصدر الأحكام الشرعية عندهم (النصارى) ليس وحيًا شرعيًا، ولكنه اتباعًا للأهواء والشهوات والنصوص المحرفة([5]).
ومن ذلك يتبيّن لنا أن أعداء الإسلام عندما يرفضون الختان أو يحرّمونه، إنما يرفضونه ويحرمونه مخالفة لشريعة المسلمين، وليس اتباعًا لشريعة يتمسكون بها، إضافة إلى سعيهم لنشر الفاحشة والرذيلة على نطاق أوسع، والمجتمعات اليهودية والنصرانية لا سيما الغربية، برهان ذلك.
حيث إن الإحصائيات لمعدلات تلك الفواحش والرذائل (الجنسية) في مثل تلك المجتمعات المشار إليها التي لا تدين بالإسلام مرتفعة جدًا بالمقارنة مع أية مجتمعات أخرى (يهودية كانت أو نصرانية) تعيش في ظل الإسلام.
فمن حكمة الإسلام في تشريعه للختان (للذكور والإناث) وفوائده التي قد تم اكتشافها حديثًا.
أنه يحدّ من الشهوة الزائدة للإنسان (ذكور وإناث)، والتي إذا أُفرِطَت (زادت عن القدر المناسب لها) ألحقته بالحيوانات والبهائم، وأدّت إلى الوقوع والانغماس في مثل تلك الفواحش والرذائل الجنسية ومن ثم فساد الأفراد والمجتمعات([6]).
اعتدال سلوك المختون وتوازنه العصبي والمِزاجي، والإحصائيات برهان ذلك، حيث إن معدل الانتحار في غير المختونين أكبر بكثير من المختونين([7]).
إلى غير ذلك من الحكم والفوائد في تشريع الإسلام للختان لكلا من الذكور والإناث.
ونجد أيضًا من أعداء الإسلام، من يتساءل في مكر وخداع:
أليس الختان سببًا في البرود الجنسي؟!
والإجابة على مثل ذلك التساؤل الماكر: قطعًا: لا.
فشريعة الإسلام في الختان، ليست سببًا على الإطلاق فيما يسمى بالبرود الجنسي، حيث إن الإسلام لا يأمر بالاستئصال الكامل لموضع الختان، وإنما قال باستئصال جزء منه، لأن تركه دون تهذيب يؤدي إلى أضرار صحيّة، ويؤدي إلى حياة زوجية غير مستقرة، بين الزوجين، إضافة إلى عدم إمكانية الطهارة جيدًا([8])، وكل ذلك ثابت علميًا.
ويؤكد ذلك: أن من دول الغرب من يتجه إلى فرض الختان على الإناث لما فيه من فوائد بالغة، حيث إن عدم ختان الأنثى يُعرضها للفاحشة ويدفعها إليها([9]).
فالحمد لله على شريعة الإسلام، التي جاء بها خير الأنام محمد، وحيًا وهديًا من الإله الخالق، الحكيم العظيم، رب العالمين.
8- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
لماذا يأمر الإسلام بأن تُذبح الحيوانات والطيور قبل أكلها؟!
أليس في صعقها (بالكهرباء) أو رميها في جبهتها بالرصاص رحمة بها بدلًا من ذبحها؟!
إجابة التساؤل الأول:
إن الإسلام حين أمر بتزكية وذبح الحيوانات والطيور التي يبيح أكلها، كان ذلك رحمة من الله تعالى بالإنسان الذي يأكلها، لأنه عند ذبحها يخرج الدم المسفوح من عنقها بكثافة واندفاع، مُحمّلًا بما فيها (الذبيحة) من الميكروبات والأمراض، والتي كان من الممكن أن تنتقل إلى الإنسان إذا ما أكل من تلك الحيوانات أو الطيور عند عدم ذبحها وتزكيتها.
لذلك، فإنه من رحمة الله سبحانه وتعالى بالإنسان، أن شرع في الإسلام ذبح الحيوانات والطيور التي يبيح أكلها، حفاظًا على سلامته، ووقاية له من الأضرار.
إجابة التساؤل الثاني:
أولًا: إن الإسلام، كما أوضحنا في التساؤل السابق، أمر بذبح الحيوانات والطيور التي يُجيز أكلها رحمة بالإنسان الذي يأكلها، حيث يخرج الدم المسفوح من عنقها عند ذبحها، مُحملًا بما فيها من الميكروبات والأمراض، ولا يحدث ذلك عند صعقها بالكهرباء أو عند رميها في جبهتها بالرصاص.
ثانيًا: إن أمر الشريعة الإسلامية بتزكية الحيوانات أو الطيور المباح أكلها عن طريق ذبحها، هو في ذاته رحمة بها عن صعقها بالكهرباء أو رميها بالرصاص، لأنه من صفات الذبح في الشريعة الإسلامية: الاحساس في الذبح، بأن تكون الآلة التي يُذبح بها (السكين أو ما شابهها) حادّة، بحيث تتم عملية الذبح بسهولة ويسر، وفي أقل وقت ممكن، بحيث لا تتعذّب الذبيحة جرّاء عدم حدّه آلة الذبح أو إطالة وقت عملية الذبح.
ومن الإحسان في الذبح أيضًا: ألا نُري الذبيحة (الحيوان أو الطير المباح أكله) آلة الذبح، حتى لا تتعذّب جرّاء رؤيتها لها.
ومن الإحسان في الذبح أيضًا: أن نُرِح الذبيحة، بحيث تكون في وضع مريح لها، ومُناسب لعملية الذبح.
وننوه إلى: أنه عند ذبح الذبيحة بالسكين أو ما شابه ذلك من الآلات الحادة، فإنها (الذبيحة) تتعرض لحالة شبيهة بعملية التخدير، وذلك عند ملامسة آلة الذبح الحادة لعنقها من أعلى الحلق، وقت عملية الذبح، مما يُيسر عملية الذبح دون إيذاء للذبيحة.
وبعد ما يتم قطع العرقين الأماميين لأعلى العنق (الحلق)، يعمل العرقان الخلفيان المتصلان برأس الذبيحة، ومن ثم استقبال إشارات المخّ، كسبب على ضخّ الدّم وإخراجه مُحمّلًا بما في الذبيحة من ميكروبات وأمراض من العرقين الأماميين.
فسبحان من شرع هذا الشرع الحكيم، هدى ورحمة للعالمين.
والحمد لله على نعمة الإسلام، وأن جعلنا تبارك وتعالى من أمة خير الأنام محمد .
9- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
ألم ينتشر الإسلام بالسيف؟!
والإجابة على مثل ذلك التساؤل هي: قطعًا، لا.
ويوضح ذلك: أن دعوة الإسلام في بادئ الأمر كانت متمثلة في النبي محمد ، وكان قومه آنذاك وغيرهم يعبدون الأصنام، وغيرها من المعبودات الأخرى الباطلة.
وبمرور الوقت، ومع الجهد الدعوي العظيم الذي قد بذله النبي محمد  في الدعوة إلى الإسلام وإلى عبادة الله تعالى وحده، ومع التوفيق الإلهي له ، آمن الكثير من الصحابة الكرام بدعوته  ورسالته، وأخذوا هم أيضًا يدعون إلى الإسلام وإلى عبادة الله تعالى وحده إلى أن انتشر الإسلام في شتى أقطار الأرض.
ومثال ذلك: الصحابي أبو ذر الغفاري، حيث قد أسلم هو وأخوه، فلما رجعا إلى قومهما أسلمت نصف قبيلة غفار (قبيلة أبي ذر) بدعوة أبي ذر([10]).
ولقد أسلمت قبل الهجرة قبيلة بني الأشهل في المدينة المنورة في يوم واحد ببركة وعظ ودعوة الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي صدّق وآمن بدعوة النبي محمد، فما بقي رجل ولا امرأة إلا أسلم غير عمرو بن ثابت، فإنه تأخر إسلامه إلى غزوة أحد، وبعد إسلامهم كان مصعب رضي الله عنه يدعوا الناس إلى الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا فيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من سكان عوالي المدينة، أي قراها من جهة نجد([11]).
وغير ذلك الكثير من النماذج التي توضح أن الإسلام لم ينتشر مطلقًا بالسيف أو القتل كما يفتري المبطلون.
فالشريعة الإسلامية لم تُجبر أهل الكتاب على الإسلام، بل تركت لهم حريّة الاختيار، وهذا معلوم للجميع.
فلم يُجبر اليهود منذ بدء الرسالة، ومجئ النبي محمد  بها على اعتناق الإسلام والدخول فيه، على الرغم من سيادة دولة الإسلام على جميع الأمم آنذاك، في تلك الفترة، وعلى مدار قرون عديدة، وكذلك الحال مع المسيحيين، حيث لم يُجبر النصارى على اعتناق الإسلام، والدخول فيه.
فلقد حكم المسلمون أسبانيا 736 عامًا، ولو كان المسلمون قد استعملوا السيف أو أي نوع من الإرهاب من أجل نشر الإسلام لما بقي مسيحي واحد في إسبانيا بعد مرور أكثر من سبعة قرون من حكم المسلمين لها (إسبانيا) والسيطرة عليها، ولما بقي من يقوم بمحاولة إسقاط الحكم الإسلامي عليها.
لذلك:
فإنه يتأكد للجميع أن المسلمين لم يستخدموا السيف أو أية وسيلة من وسائل العنف والقوة من أجل نشر الإسلام وإرغام المسيحيين على الدخول فيه.
وأيضًا: فلم يتجه جيش إسلامي واحد إلى أندونيسيا أو نيجيريا ... إلى غير ذلك، ومع هذا فإن سكان هذه الدول قد اعتنقوا الإسلام، وقبلوه وارتضوه دينًا.
واليوم يعتنق الكثير من الأوروبيين والأمريكيين .... الإسلام دينا، ومن المؤكد أن هذا ليس بحد السيف قطعًا، كما هو متضح للجميع.
ومن البراهين أيضًا على عدم استعمال المسلمين للسيف من أجل نشر الإسلام:
أن هناك الملايين من المسيحيين يعيشون وسط العالم العربي والإسلامي في ظل سيادة الإسلام، دون المساس بحرية اعتقاداتهم، ومع ذلك فقد أسلم الكثير والكثير منهم في شتى بقاع الأرض، وفي قلب العالم المسيحي نفسه، وذلك لأن سيف الإسلام إنما هو الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، ولو كان غير ذلك لما بقي مسيحي واحد وسط هذا العالم المسلم، ومصر الغالية نموذج ذلك.
فهل كان أهل مصر قبل الفتح الإسلامي إلا مسيحيين مضطهدين من قِبَل الرومان الذين هم على المسيحية أيضًا، ولكنهم ينتمون إلى طائفة أخرى غير التي ينتمي إليها المسيحيون المصريون.
ولذلك: فقد سام الرومان المسيحيين المصريين سوء العذاب واضطهدوهم أشدّ الاضطهاد لمجرّد انتمائهم (الرومان) إلى إحدى الطوائف المسيحية الأخرى التي لا ينتمي إليها المسيحيون المصريون.
فعلى الرغم من انتسابهم جميعًا للمسيحية، إلا أنه يكفر بعضهم بعضًا ويُضلّل كلا منهما الآخر، كما هو المتبع بين صفوف المسيحية وطوائفها المختلفة، ولا مجال لأحد أن ينكر ذلك.
وبقي الحال السيء لهؤلاء المسيحيون المصريون إلى أن جاء الفتح الإسلامي وخلّص المسيحيين المصريين من اضطهاد المسيحيين الرومان لهم، مع الحفاظ على حرية معتقداتهم (المسيحيين المصريين)، ودون المساس بأماكن ودور عباداتهم، ولذلك فرح المسيحييون المصريون بهذا الفتح الإسلامي العادل، واعتنقت الأغلبية الساحقة منهم (المسيحيون المصريون) الإسلام، وقبلوه وارتضوه دينًا، والنسبة بين المسلمين والمسيحيين في مصر برهان ذلك.
ولو أن الفتح الإسلامي لمصر أجبر المسيحيين المصريين على الدخول في الإسلام بعد هزيمته للرومان لما بقي مسيحي واحد في مصر، ولكن الأمر على غير ذلك، حيث قد بقيت قلة قليلة من مسيحي مصر على معتقداتهم التي قد أوضح الإسلام بكافة الدلائل والبراهين بطلانها، ومع ذلك فلم يجبر المسلمون المسيحيين على الإسلام، بل تركوا لهم حرية الاعتقاد والاختيار مع عدم المساس بأماكن ودور عباداتهم.
وننوه بشدة إلى:
أن مما أشرنا إليه يتبين بجلاء أن الإسلام لم ينتشر مطلقًا بحد السيف الذي يفتريه المبطلون، وإنما كان استخدام السيف في حالة الجهاد الذي شرعه الإسلام، ضد من حال بين المسلمين ودعوتهم لغيرهم من الأمم والشعوب إلى دين الله عز وجل، ودفاعًا عن الإسلام وأهله من أهواء ومطامع أعداءه والحاقدين عليه.
ولذلك:
فإن سيف الإسلام الحقيقي هو الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
فالإسلام يحمل في طيّة انتشارًا عظيمًا، وقبولًا واسعًا، فهو الأسرع نموًّا، والإحصائيات الحديثة برهان ذلك.
فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
10- ومن أعداء الإسلام من يتساءل في مكر وخداع:
لماذا يفرض الإسلام الجزية على غير المسلمين؟!
وللإجابة على مثل ذلك التساؤل نوضح موجزًا مما قد جاء على موقع (المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير) ردًّا على مثل تلك التساؤل، حيث:
إن الجزية ضريبة من يبقى على دينه من غير المسلمين، الغني الموسر، وذلك مقابلة حماية المسلمين لهم، في حين أن المسلمين يقومون بدفع وآداء زكاة أموالهم.
وليس من العدل أن يدفع المسلم زكاة لأمواله ويُعفى منها غير المسلم، على الرغم من حماية المسلمين لغيرهم ممن يعيش في كنفهم.

وننوه إلى:
أنه عند أداء غير المسلم (الموسر) الذي يعيش في كنف الإسلام، للجزية المناسبة العادلة المفروضة مقابل حمايته يصير حقًّا على المسلمين، وواجبًا عليهم أن يقوموا بحمايته ما دام يعيش في كنفهم، تحت مظلة الإسلام وحكمه.
ويتبيّن هذا جليًّا في معاهدة صحابي رسول الله  (خالد بن الوليد) لنصارى الشام، حيث يقول ما يلي:
«هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق أمانًا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، ولا يُسكن شيء من دورهم، وأي شيخ منهم ضُعف عن العمل أو أصابته آفة أو كان غنيًّا وافتقر، طُرحت عنه الجزية، وأُعطي هو وأهله إعانة من بيت مال المسلمين».
ولهذا عندما بلغ الصحابي أبو عبيدة تجهيز جيش الروم ضده، ولم يكن مستعدًّا آنذاك لمواجهتهم، قام بردّ الجزية التي كان قد أخذها من نصارى الشام، قائلًا:
«إنما رددنا عليكم أموالكم، لأنه قد بلغنا ما جُمع لنا من الجموع (الجيوش)، وإنكم قد اشترطتم علينا أن نحميكم، وإننا الآن لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم».
ويشهد التاريخ: أن كثيرًا من النصارى كانوا يفضلون البقاء تحت حكم المسلمين العادل عن ظلم الدولة الرومانية التي كانت تستبيح أموال الناس ونساءهم.
وكثيرًا من اليهود كانوا يلجأون إلى بلاد المسلمين وإلى الأندلس (وقت حكم المسلمين لها – إسبانيا -) وإلى تركيا هربًا من تسلط الكنيسة وجرائمها ضدهم، وملاحقاتها المستمرة لهم.
لذلك: فإنه يتأكد للجميع عدل الإسلام حين قام بفرض الضريبة على غير المسلمين الذين يعيشون في ظل الإسلام مقابل حماية المسلمين لهم، كما يؤدي المسلمون زكاة أموالهم.
وتتأكد أيضًا سماحة الإسلام، حين قام بفرض الضريبة على غير المسلمين القادرين الموسرين الذين يعيشون في ظل الإسلام، ولم يفرضها على الضعفاء والمحتاجين، وإنما تقدم لهم المعونات من بيت مال المسلمين.
فالحمد لله تعالى رب العالمين على نعمة هذا الدين العظيم، ألا وهو الإسلام.
11- ونجد أيضًا من أعداء الإسلام من يتساءل في مكر وخداع:
لماذا ينص الإسلام على قتل المرتد (التارك للإسلام، بعد أن كان معتنقًا له أو أظهر الدخول فيه)؟!
بداية ننوه إلى:
أن الإسلام لم يأمر بقتل المرتد عن دينه إلا بعد رفع الجهل عنه، وإزالة ما قد التبس عليه من افتراءات وشبه يُروجها أعداء الإسلام بالباطل، وبعد توضيح وإظهار الحق الجليّ الذي لا مرية فيه له.
فلا يعقل أنه بعد أن أسلم وآمن آبائه وأجداده بالحقّ الذي لا مرية فيه، ولا تقبل الفطرة السوية والعقل الراجح الرشيد سواه، وابتغوه وارتضوه، أن يأتي من بعدهم مِن ذريتهم ممن قد انغمس في شهواته مبتغيًا إغراءات الحاقدين على الإسلام وأهله، أو ممن ألقى بنفسه في أحضان الفكر الغربي القائم على الإلحاد والإشراك بالله تعالى، أو ممن أصغى بأذنيه لما يمليه عليه أعداء الإسلام من فتن وشبهات دون البحث عن مصداقيتها، ومن ثم التحاق ذريته من بعده بما هو عليه من فساد ديني وبطلان معتقد وانحراف عن الحقّ تبعًا له، ومن ثم إحداث الخلخلة والشقاق في صفوف المجتمع الإسلامي.
ثانيًا أن الإسلام ينصّ على قتل المرتد عن دينه خشية النفاق.
فمن أعداء الإسلام الماكرين من قد يُظهر إسلامه خداعًا ونفاقًا ليبث سمومه من فتن وشبهات كاذبة ثم يُعلن ارتداده عن الإسلام لإحداث الاضطرابات في صفوف المجتمعات الإسلامية، ومثال ذلك: اليهود في وقت بعثة النبي محمد .
حيث إن اليهود كانوا قد اتفقوا على أن يُظهر بعضهم الدخول في الإسلام نفاقًا وخداعًا، ثم يقومون بالإعلان عن ارتدادهم عنه (الإسلام)، للتشكيك في دين الله عز وجل، ومن ثمّ
إثارة الفتن والشبهات بين المسلمين والمجتمع الإسلامي، كمحاولة بئيسة لردّ المسلمين عن دينهم. ولكن الله تعالى ردّ كيد اليهود في نحورهم، وأبطل كيدهم وأتمّ الله نوره رغم أنف الأعداء والحاقدين على الإسلام وأهله.
لذلك: فإن الإسلام عندما نصّ على قتل المرتد عن دينه، فإنه بذلك يحمي الاختيار.
فالإسلام لم يجبر أهل الكتاب على الدخول في الإسلام، ولم يأمر بذلك، ومن ثم فإن من يريد الدخول في الإسلام واعتناقه دينا، فعليه أن يُفكر جيدًا قبل إعلان ذلك.
فلا يدخل في الإسلام إلا من تيقَّن بمصداقيته، وآمن حق الإيمان أنه دين الله عز وجل الذي ارتضاه للعالمين.
ثم إن الإسلام لا ينصّ على قتل المنافق الذي يظهر الإسلام ويلتزم بأداء فروضه مع إخفاءه وإبطانه الكفر، ولم يأمر بذلك.
وشاهد ذلك: أن عددًا من المنافقين وقت بعثة النبي محمد  وظهور الدولة الإسلامية، لم يؤمنوا ولكنهم أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر وأخفوه، لينعموا ويأمنوا تحت مظلته ورايته (الإسلام)، وكان رسول الله  يعلم هؤلاء المنافقين، حيث قد أخبره الله تعالى بأسماءهم.
وعلى الرغم من خذلان هؤلاء المنافقين للمسلمين، لا سيما وقت حروبهم، بتراجعهم عن القتال بأعذار واهية في أحرج اللحظات كيدًا بالمسلمين إلا أن لرسول الله  لم يقتلهم، ولم يأمر بقتالهم، ولكنه  وكّل سريرتهم (ما يخفونه) إلى الله عز وجل.
ولذلك: فإن الشريعة الإسلامية قد جمعت بين كلا من صفة الحكمة حين قامت بحماية الاختيار لكل من يُفكّر في اعتناق الإسلام والدخول فيه، وبين صفة العدل والسماحة، حيث لم يُجبَر أهل الكتاب على الدخول في الإسلام، وإنما تركت لهم حريّة الاختيار في ذلك، حتى وإن آثروا الحياة والعيش في ظل وكنف الإسلام وأهله.
12- ونجد أيضًا من أعداء الإسلام من يتساءل في مكر وخداع:
أليس القرآن اختلاقًا من الإنجيل؟!
الإجابة: قطعًا ، لا.
فلا يلجا إلى مثل ذلك الادّعاء الكاذب إلا حاقدًا معاندًا أو جاهلًا لا يمتلك أدنى علم عن مثل ذلك الادّعاء الباطل، ونوجز في الردّ على مثل ذلك الافتراء، بتوضيح ما لا يمكن إنكاره، وهو: أن الإنجيل إلى القرن السادس الميلادي (وقت بعثة النبي محمد ، ومجيئه بالقرآن الكريم من الله تعالى) لم يكن له ترجمة بالعربية، والقرآن الكريم إنما أنزله الله تعالى على النبي محمد  بالعربية، فكيف يجرؤ أن يُقال باختلاق القرآن من الإنجيل؟!
لا شك، أن ذلك عته وسفور نتيجة للحقد والعناد والجهل.
شيء آخر مهم: وهو أن القرآن الكريم يدعوا إلى وحدانية الله تعالى وتعظيمه وتنزيهه، وليس كما تفتري النصرانية من تجزءة له وزعم بتعدده.
فمفتتح سور القرآن الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم
حيث إن منها نتعرف على بعض من أسماء الله تعالى وصفاته الحسنى، فالله تعالى من أسماء الرحمن، والرحيم، ومنها يتبين لنا: أن الله تعالى إنما هو إله واحد، موصوف بصفة الرحمة.
بينما نجد أن المسيحية (النصرانية) تقول باسم الآب والابن والروح القدس.
ومنها يضلّ الإنسان عن توحيد الله وتعظيمه وتنزيهه، ويتجه إلى الكفر به وإشراك غيره معه، فبدلًا من أن يوحده، وينزهه عن الشريك، نجد أنه ينسب إليه النقص ويُشرك معه غيره في وحدانيته([12]).
إلى غير ذلك مما يؤكد كذب وبطلان ما يروجه الحاقدون من افتراءات وأكاذيب حول القرآن الكريم، ولكن نكتفي بموجز ما أشرنا إليه، وننوه إلى:
أن المسلمين لا يطلقون على أنفسهم مُسمّى المحمديين، وإنما ذلك هو محاولة من أعداء الإسلام لنسب ذلك المسمّى بالباطل إلى المسلمين.
فالمسلمون لا يعبدون النبي محمد ، لذلك فإنهم لا يُسمون بالمحمديين، وإنما يعبد المسلمون الله تعالى وحده وينزهونه عن المثيل والشريك.
بينما نجد أن النصارى يسمّون أنفسهم بالمسيحيين، لأنهم يعبدون المسيح، وينسبون إليه الألوهية، (تعالى الله عز وجل عن غلو النصارى في المسيح، علوًا كبيرًا).
فالمسيح ليس إلا نبيًا بشريًّا كريمًا، شرفه الله تعالى بالنبوة والرسالة كغيره من الأنبياء والمرسلين، وأيده الله تعالى بالمعجزات تصديقًا لنبوته ورسالته كغيره من الرسل.
فالحمد لله تعالى على نعمة الإسلام، وصلاةً وسلامًا على من جاء بالتوحيد الخالص لله تعالى، إلى يوم الدين.
13- ونجد أيضًا أن أعداء الإسلام يتساءلون في مكر وخداع:
ماذا يعني نزول القرآن الكريم على عدة أحرف، كما يعتقد المسلمون؟!
والإجابة على هذا التساؤل، هي:
أن القرآن الكريم نزل من السماء إلى الأرض على قلب النبي محمد  على عدة أحرف، نظرًا لاختلاف لهجات وألسنة القوم الذين نزل فيهم وهم العرب، وقد يتعذر على الواحد منهم أن ينتقل من لهجته إلى اللهجة التي نزل بها القرآن الكريم لو أنه نزل بحرف واحد، وبخاصّة أن هذه اللهجات، قد تربّوا عليها وصارت طبيعة عندهم، واعتادت ألسنتهم على النطق بها في حياتهم، فكانت رحمة الله سبحانه وتعالى بأمّة النبي محمد  أن يخفّف ويُيّسر عليهم فهم كتابه وحفظه وتلاوته، حيث كانوا أمّيين، لا يكتب منهم إلا القليل([13]).
ومن ذلك يتبيّن لنا براعة وفضل النبي محمد  في نطقه بكل لهجات العرب دون تعثُّر، حتى إنه كان يُقرِء كل قبيلة بما يوافق لهجتها ويلاءم لسانها، على الرغم من أن النبي محمد  كان أُميًّا، لا يعرف قبل بعثته سوى لهجة قريش.
لذلك، فإن نطق النبي محمد  بلهجات العرب جميعًا، يُعدّ من معجزاته  التي تدل على صدق نبوته([14]).
فعلى الرغم من أن النبي محمد  كان أميًّا، إلا أنه قد تخرّج من مدرسته  (مدرسة النبوة) الفقهاء والمحدثين والعلماء في شتى المجالات .......... إلى غير ذلك.
ومما أشرنا إليه، يتبيّن: أن من حكمة الله تعالى أنه أنزل القرآن الكريم على النبي محمد  على عدة أحرف، رحمة بعباده المؤمنين، فالحمد لله ربّ العالمين.
14- ونجد أيضًا، أن أعداء الإسلام يحاولون إثارة الشبهات والافتراءات الكاذبة حول تشكيل القرآن الكريم، وإعراب كلماته.
والردّ الموجز على مثل تلك الافتراءات والادّعاءات الكاذبة، هو:
أن العرب هم أهل اللغة وأهل البلاغة والفصاحة والبلاغة والبيان، والقرآن الكريم إنما أنزل باللغة العربية، وإذا ما كان في القرآن الكريم أدنى شيء مما يثيره الحاقدون بالباطل من أخطاء في تشكيله وإعراب كلماته، لما خفى على العرب وهم أهل اللسن والفصاحة، والبيان والبلاغة، لا سيما من لم يؤمن منهم، ومحاولاتهم في إيجاد المآخذ والثغرات في القرآن الكريم للطعن فيه، والتكذيب به وبنبوة من جاء به.
فعلى الرغم من عداوة المشركين للنبي محمد ، ومحاولاتهم المستمرة للطعن في نبوته  والتكذيب برسالته، إلا أنهم عجزوا وفشلوا في العثور على أدنى ثغرة في الكتاب الذي جاء به، كمأخذٍ للطعن فيه والتكذيب به.
فلم يستطيع العرب أن يأتوا ولو بسورة واحدة قصيرة من مثل ما جاء به القرآن الكريم من سور، بل إنهم اعترفوا بحسنه وأشاروا بعظمته، والمنصفون المهتدون منهم لم يسعهم إلا أن يؤمنوا به ويصدقوا بما فيه وحيًا من عند الله تعالى، وهديًا يهتدون به.
والتساؤل المهم، أنه:
إذا ما عجز أهل اللغة واللسن والفصاحة، والبيان والبلاغة من إيجاد أدنى ثغرة في القرآن الكريم كمأخذ عليه، بل إنهم أشادوا بحسنه وعظمته، على الرغم من معاداة من لم يؤمن منهم للنبي محمد  أشدّ المعاداة، فهل يُعقل أن يدّعي مُنصف عاقل بعد ذلك بوجود أخطاء في تشكيل القرآن الكريم وإعراب كلماته؟!
بالطبع: لا
لذلك: فإن ما أشرنا إليه دليل دامغ وبرهان قاطع على كذب وبطلان مثل تلك الدعاوي التي يروجها أعداء الإسلام الحاقدين عليه.
وننوه إلى إشارة بسيطة كتوضيح لما يجهله الحاقدون أو لما يتغافلون عنه عمدًا من أجل تحقيق أهدافهم ومطامعهم الخبيثة، وهي:
أن الإعراب في اللغة العربية إنما هو فرع المعنى.
بمعنى: أنه من الممكن أن تأخذ الكلمة الواحدة في نفس السياق للجملة الواحدة، أكثر من حركة إعرابية، في حالات معينة لا تخفى على أهل اللغة.
وبمعنى أكثر وضوحًا: أنه قد تأخذ كلمة معينة في سياق جملة ما حركة النصب فتكون منصوبة، ولكنها من الممكن أيضًا أن تأخذ حركة الجرّ وتكون مجرورة، ولكن ذلك لا يحدث إلا في حالات معينة، معلومة لأهل النحو والبلاغة في اللغة العربية.
ولكن أعداء الإسلام الحاقدين لجهلهم باللغة العربية وأسرارها ومواطن جمالها، نجدهم يتخبطّون دائمًا في إثارتهم لمثل تلك الدعاوي الكاذبة التي يروّجونها.
ومن ثم، فعلى من يلتبس عليه أمر ما إثر ما يروجه أعداء الإسلام الحاقدين، أن يرجع إلى علماء الإسلام المعتمدين، المختصين لإزالة مثل ذلك الإلتباس الذي لا أساس له من الصحة.
فالحمد لله تعالى الذي امتن علينا باللغة العربية، لغة القرآن الكريم، الذي أُنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد r، معجزة خالدة باقية للعالمين.
15- ونجد أيضًا أن أعداء الإسلام لا سيما من أهل النصرانية، يتساءلون صدًا للناس عن القرآن الكريم، في مكر وخداع:
لماذا النسخ في القرآن الكريم؟!
وللإيجاز في الردّ على مثل ذلك التساؤل، نوضح أولًا: ما يُناقض مثل ذلك التساؤل الماكر، حيث إن النسخ موجود عندهم أنفسهم، ثابت في كتابهم.
فاليهود يؤمنون بالتوراة، والنصارى يؤمنون بالتوراة أيضًا، ويسمونها العهد القديم، ولا يُركزّون عليها، وإنما يركِّزون على الإنجيل وغير ذلك من الرسائل التي يؤمنون بها والتي كتبها بولس وغيره، تحت مُسمّى العهد الجديد.
والعجيب: أن أحكام التوراة عند النصرانية قد صارت منسوخة بعد مجيء المسيح، على الرغم من أننا نجد في كتابها الذي تقدسه، أنه:
«لا بد أن تبقى أحكام الإنجيل وكتب العهد العتيق جارية ما دامت السماوات والأرض بمقتضى هذه الآيات»
وذلك مما تقع فيه (النصرانية) من الخطأ والتناقض: لأنه إذا كان بمقتضى الآيات بقاء أحكام العهدين (العهد القديم – التوراة – الذي يؤمن به اليهود، والعهد الجديد – الإنجيل – الذي تركز عليه النصرانية، حيث تؤمن بالعهدين ولكنها تركز على العهد الجديد كما تطلق)، فإنه يلزم أن يكون جميع القسيسين واجبي القتل (أي يجب عليهم القتل)، لأنهم لا يعظّمون يوم السبت الذي تعظّمه اليهود، وناقض تعظيمه (يوم السبت) على حكم التوراة واجب القتل([15]).
ومما يدل أيضًا على أن النسخ موجود في النصرانية:
أن النصرانية تقول بأن الخنزير كان نجسًا في العهد القديم (التوراة) ولكنه صار مُحللًا في العهد الجديد، على الرغم من أنها (النصرانية) تؤمن بالعهد القديم والعهد الجديد تحت ما يسمى بالكتاب المقدس.
أي أن النصرانية تعتقد أن حكم تحريم الخنزير قد نُسخ، وذلك لا شك أنه ادّعاء كاذب باطل، حيث إن أطباء النصارى أنفسهم يشهدون بنجاسة الخنزير، وبذلك يصير الخنزير علميًا مُحرَّمًا، لأن الله تعالى لا يُحلّل الخبائث والنجاسات.
وما أشرنا إليه يوضح جانبًا من التناقض الفادح الذي تقع فيه شريعة النصرانية، مما يؤكد تحريفها البيّن تبعًا للأهواء والشهوات، ومن ثم ندُلل على بطلانها.
وأيضًا، نجد أن النصرانية تعتبر أن الختان كان واجبًا في العهد القديم، ولكنه صار منسوخًا في العهد الجديد، ولا شك أن ذلك ادّعاء باطل.
بل إننا نجد أن بولس الذي تزعم النصرانية قداسته، قد هدّد كل من يختتن بأنه لن ينفعه المسيح بشيء يوم القيامة، وذلك مما لا شك فيه يؤدي إلى الإثارة للشهوات الجنسية، ومن ثم انتشار الرذائل والفواحش، كما يؤكد الأطباء.
وأيضًا، نجد أن الأضحية كانت بدم العجول، قربانًا لرفع الخطايا، ولكن النصرانية تزعم نسخ ذلك عندها، ليصير دم المسيح، كما تدّعي كذبا، هو القربان والأضحية الوحيدة التي يتم بها تكفير خطايا الناس، كما في سفر العبرانيين، الإصحاح 5، العدد 2.
وأيضًا، نجد أن رسائل اليهود قد نُسخت في النصرانية، وصارت عهدًا قديمًا، وإذا ما حاججنا النصارى بنص من العهد القديم، أجابوا بأن ذلك عهد قديم، أما عهدنا نحن فجديد يُخالف العهد القديم.
حيث إن بولس الذي تزعم النصرانية قداسته، قد أبطل قوانين العهد القديم، وزعم أن النصرانية قد تحرّرت من قوانين العهد القديم، كما في (سفر روميا، إصحاح 7 عدد 2)، وكتاب (العبرانيين إصحاح 8 عدد 13)، إلى غير ذلك مما يؤكد وجود النسخ لدى النصرانية، ومن ثم تناقض مثل ذلك التساؤل الماكر الذي قد أثاره بعض أصحاب النصرانية، مع حقيقة ما بكتابهم.
ثانيًا: نشير إلى بعض من الحكم الجليلة والفوائد العظيمة للنسخ في القرآن الكريم:
فالنسخ في القرآن الكريم إنما هو تشريع إلهي، ومن ثم فإننا نجد فيه الفوائد العظيمة والحكم الجليلة، وذلك على نقيض ما نجده من النسخ في كتاب النصرانية الذي تزعم قدسيته، الذي هو تبعًا للأهواء والشهوات، كما أشرنا آنفًا، كما في إباحة النصرانية لأكل الخنزير على الرغم من نجاسته، وكما في تحريمها (النصرانية) للختان على الرغم من أن عدم الأخذ به يؤدي إلى الإثارة القوية للشهوات والغرائز الجنسية عن الحدّ اللائق، مما يؤدي إلى ركوب الفاحشة، وانتشار مثل تلك الرذائل والمنكرات .... إلى غير ذلك.

ومن الحكم الجليلة للنسخ في القرآن الكريم:
أ- التدرج في التشريع، رحمة من الله تعالى بعباده المؤمنين، ومثال ذلك الخمر، حيث كان العرب قديمًا يشربون الخمر كشربهم للماء، ولا يمكنهم الاستغناء عنه (كإدمان له).
فكان من رحمة الله تعالى، أنه لم يُحرّم عليهم الخمر مرة واحدة، وإنما كان التدرّج في تحريمه، إلى أن صار مُحرّمًا مُطلقًا، الكثير منه والقليل، وذلك للمفاسد العظيمة المترتبة عليه.
ب- أنه إذا ما كان النسخ لحكم ما قد نزل مناسبًا لوقت معيّن أو حادث معيّن في بداية الرسالة النبوية، تبعًا لمراد الله تعالى وحكمته ورحمته، فإنه يأت حكم آخر منه تبارك وتعالى خير وأفضل من سابقه الذي قد نُسخ، ليُناسب البشر جميعًا في شتى أقطار الأرض، وفي مختلف الأزمنة وتقادمها، فيأخذه المسلمون، ويعملون به إلى قيام الساعة، ومن ثم تكون لهم السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
ج- إدراك المسلمين لجميل فضل الله تعالى عليهم في تشريعه لهم، وعظيم رحمته ورأفته بهم، ومن ثم تعظيمهم له جل وعلا.
إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة والحكم الجليلة للنسخ في القرآن الكريم.
فالحمد لله تعالى على جميل تشريعه، وعظيم منته على أهل كتابه العظيم (القرآن الكريم)، وأتباع رسوله خاتم النبيين محمد .
16- ومن أعداء الإسلام من يتساءل في مكر وخداع:
أليست هذه الآية ﴿ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [سورة النساء: 117] في القرآن، دلالة على ألوهية المسيح؟!
الإجابة القطعية: لا.
ونوجز توضيحًا للردّ على ذلك التساؤل المخادع بما ورد في كتاب «الإله الخالق ما بين تعظيم المسلمين وافتراءات النصارى والكاذبين وإنكار الملحدين»، على النحو التالي:
أ- أن الآية الكريمة التي نحن بصددها، لها تفسير غير ما قد ابتكره أعداء الإسلام وذهبوا إليه، من قول مكذوب واجتراء منكر، بدليل غيرها من الآيات البينات التي توضح وتبيّن بطلان ما ذهبوا إليه من تأليه للمسيح.
بل إن الآية بتمامها توضح وتؤكد عدم ألوهية المسيح، حيث إن الآية بتمامها، هي:
﴿يَا أَهْل الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا
[النساء: 171].
وبذلك يتبيّن عكس ما يحاول أعداء الإسلام إثارته وترويجه من افتراءات كاذبة.
ب- لماذا يستدلّ أعداء الإسلام في مثل تلك الادّعاءات الكاذبة – بألوهية المسيح بهذه الجزئيات من الآيات الكريمات في القرآن الكريم، مع أنهم لا يؤمنون به ويكذبونه، ضلالًا وجحودًا؟!
لاشك، أنه استدلال باطل، منبثق من أهواءهم واجتراءهم على الله تعالى، حيث يجدون بغيتهم في هذه الأجزاء القصيرات من الآيات الكريمات لإمكانية التأويل الباطل.
جـ- نوضح أن المقصود بقول الله تعالى: ﴿ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ .
أولًا: أن يكون المراد بالكلمة في هذه الآية الكريمة، مثل قوله تعالى ﴿ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان: 27]: أي: آياته وبدائع مقدوراته، وهذه الآية يوضحها قول الله تعالى
﴿ وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ
[الأنبياء: 91].
ثانيًا: أن يكون المراد بالكلمة في الآية الكريمة: قوله تعالى ﴿كن﴾
يعني: أنه سبحانه وتعالى خلق المسيح عليه السلام بقدرته من غير أب، وفقًا لإرادته ومشيئته وحكمته، بأن قال له (كُن) فكان ما أراده الله جل وعلا، كما كان ذلك في حق آدم عليه السلام، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران: 59]
ثالثًا: أن يكون المقصود بالكلمة في الآية الكريمة: كلمته سبحانه وتعالى التي بَشَّر بها مريم، كما في قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [آل عمران: 45].
رابعًا: أن تكون إضافة الروح إلى الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى: ﴿ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾: إضافة تشريف، أي: أن تكون هذه الإضافة من باب إضافة الأعيان، مثل رسول الله ، كما في قوله تعالى ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح: 29]، ومثل بيت الله، كما في قوله تعالى ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ﴾ [الحج: 26]، ومثل ناقة الله، كما في قوله تعالى ﴿ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ [هود: 64].
أن تكون إضافة الروح إلى الله سبحانه وتعالى مثل قوله تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [الجاثية: 13] (جميعًا منه) تعني: من خلقه ومن عنده، فليست (من) للتبعيض، بل لابتداء الغاية.
أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى، لما كان للمسيح عليه السلام من إحياء الموتى بإذن من الله تعالى كمعجزة له، ومن ثم دلالة على نبوته ورسالته، كما حدث للنبي محمد  من معجزة بكاء وحنين جذع النخلة الذي كان يخطب عليه له، ومعلوم أن حياة الخشبة التي ليس فيها روح أصلاً كمعجزة أبلغ من حياة الميت الذي كان به روح قبل موته، وأيضًا كما حدث للنبي محمد  من نطق الشاة المسمومة بعد ذبحها ونضجها لتخبر النبي  بما فيها من سمّ لتحذّره من أكلها كعصمة ومعجزة من الله تعالى له .
أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى، لأنه: ليست الكلمة صارت المسيح عليه السلام، ولكن بالكلمة صار المسيح عيسى عليه السلام.
أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى، تعني: الروح التي أرسل ربنا تبارك وتعالى بها جبريل عليه السلام، وحيث إن المخلوقات الحية لها روح، فهل تكون آلهة أو ذات طبيعة إلهية؟!
أن تكون إضافة الروح إلى الله تعالى، لما كان من نفخ روحه جبريل عليه السلام في السيدة مريم، لتَلِد بالمسيح عليه السلام، فهو سرّ من أسراره.
أن يكون قول الله تعالى (وروح منه) يعني: رسوله منه أو محبّه منه.
ومما أشرنا إليه يتبيّن كذب وافتراء أعداء الله عز وجل، في ادّعاءهم واجتراءهم المنكر من وجوه كثيرة، فالقرآن الكريم حقّ،وليس مشتملًا إلا على الحق، ولا تناقض بين آياته وبين ما يدعوا إليه، فهو الكتاب العزيز الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
17- ومن أعداء الإسلام من يفتري كذبًا بأن المعجزات والخوارق ليست مقياسًا على إثبات النبوة، قاصدين أن المعجزات والخوارق التي أجراها الله تعالى على يد نبيه محمد تأييدًا منه جل وعلا له ليست مقياسًا على صدق نبوته.
والردّ الموجز، الذي لا حياد عنه ولا مرية فيه، على مثل ذلك الادّعاء الكاذب، والافتراء الباطل:
أن الفطر السليمة السويّة والعقول الراجحة الرشيدة تُقرّ وتقبل بأن المعجزات والخوارج التي أجراها الله تعالى على أنبياءه مقياس وبرهان على صدق نبواتهم ورسالاتهم، إذا ما كانت دعوتهم لا تتعارض معهما (الفطر السليمة السوية والعقول الراجحة الرشيدة) ، بأن تكون المعجزات والخوارق التي قد أتوا بها ملازمة للدعوة السليمة الصادقة إلى وحدانية الله تعالى وطلاقة قدرته وعظيم صفاته وكمالها، وجميل حكم شريعته.
وإذا لم يكن الأمر وفقًا لما أشرنا، فبأي شيء نعرف النبي الصادق مِمّن يدّعي النبوة والرسالة كذبًا وزورًا؟!
ولماذا تؤمن النصرانية بالمسيح، بل وتزعم ألوهيته كذبًا وزورًا؟!
فالمسيح الدجال الذي قد أخبر النبي محمد  به، وبكذب دعوته، والذي سوف يأتي في آخر الزمان بمعجزات وخوارق مُدّعيًا للألوهية (بالباطل)، إنما تستنكره النفوس الزكية، وتُنكر دعوته الفطر السوية والعقول الرشيدة، لأنه وإن أتى بمعجزات وخوارق إلا أن صفاته لا تليق أبدًا بعظيم صفات الله تعالى وكمالها.
ومن ثمَّ يتبيّن بجلاء كذب دعوته وادّعاءه وبطلانهما.
فالمسيحُ الدجّال أعور، ولا يليق ذلك بعظيم صفات الله تعالى وكمالها.
والمسيح الدجّال إنما هو عبارة عن مجسم بشري ضخم، يحتويه المكان، ولكن الله تعالى لا يمكن أن يحتويه مكان، فهو جلّ وعلا خالق المكان وخالق الزمان.
إلى غير ذلك من صفات للمسيح الدجّال، والتي لا تليق مطلقًا بأن تنسب إلى عظيم صفات الله تعالى وكمالها.
لذلك، فإننا نجد أن أعداء الإسلام قد أحجبوا عقولهم عن معجزات الأنبياء الآخرين، والتي هي أعظم من معجزات المسيح عليه السلام، وذلك من أجل نفي رسالة النبي محمد .
فالنبي محمد  قد جاء بالكثير والكثير من المعجزات والخوارق، وقد جاء بالمعتقد السليم والتشريع الحكيم، والتعاليم السامية والعبادات الهادية، وبالقول الحقّ الفصل في المسيح عيسى بن مريم الذي قد اختلفت فيه كلا من النصرانية واليهودية، ما بين الإفراط والتفريط، حيث جاء  مصدقًا برسالة المسيح عليه السلام، ولكنه (المسيح) في الوقت ذاته ليس إلهًا أو ابنًا للإله كما تزعم النصرانية، وإنما هو عبد الله ورسوله.
ومما أشرنا إليه يتبيّن: أن ما يدّعيه بعض أعداء الإسلام من أن المعجزات والخوارق ليست مقياسًا على إثبات النبوة، إنما هو ادّعاء كاذب، من أجل أن يتحقق مرادهم ومسعاهم، من أن يظل المسيح عندهم إلهًا أو ابنا للإله أو ثالث ثلاثة، كما يزعمون باطلًا.
فتعالى الله عز وجل عن كل ذلك الإفك علوًا كبيرًا.
18- ونجد أيضًا من أعداء الإسلام، من يحكم على الإسلام من خلال فرقة الشيعة ومعتقداتها وشعائرها الدينية، في محاولة منهم لتشويه صورة الإسلام بالباطل.
وللردّ على مثل تلك المحاولة الماكرة لتشويه صورة الإسلام من خلال الشيعة، نوضح:
أن الشيعة (الروافض) ليسوا بحجة على الإسلام، بل إنهم ليسوا من الإسلام في شيء، فلا يجوز لأحد أن يحكم على الإسلام من خلال مثل أولئك الخارجين عنه.
ولتوضيح جزء من ذلك وتأكيده، نُبيّن بعضًا من المعتقدات الفاسدة للشيعة (الروافض)، والتي تتنافى كليَّة مع الإسلام، وما جاء به، مثل:
أ- أننا نجد الشيعة (الروافض) قد تشابهت مع اليهود في الكثير، وما ذلك إلا لأنه من قام بتأسيسها وإنشاءها هو عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي ادّعى الإسلام كذبًا ونفاقًا (ليطعن فيه)، وزعم محبة آل البيت بالباطل.
فمما تشابهت فيه الشيعة (الروافض) مع اليهود:
1- أن الشيعة قالت بالتجسيم، ونسبته إلى الله جلّ وعلا، أي أنها قالت بأن الله ما هو إلا جسم كبير، تعالى الله عز وجل عن ذلك علوًا كبيرا.
ولذلك، فإن اليهود هم أول من يؤمن بالدّجّال الذي يخرج في آخر الزمان مُدّعيًا للألوهية، ثم صارت الشيعة (الروافض) معطلة لصفات الله عز وجل، وقاموا بوصف ربّ العالمين بالصفات السلبية، تعالى الله عز وجل عن ذلك علوًا كبيرا.
2- أن الشيعة (الروافض) تؤمن بعقيدة البداء، وهي عقيدة منكرة في حق الله تعالى، حيث إنها (عقيدة البداء) تستلزم سبق الجهل وحدوث نشأة العلم، أي عدم العلم بالغيب، وتنسبها إلى الله عز وجل، وعلى نقيض ذلك تؤمن الشيعة (الروافض) بأن أئمتها يعلمون كل العلوم، ولا تخفى عليهم خافية (فتعالى الله عز وجل عن كل ما تفتريه الشيعة عليه، علوًا كبيرا).
3- أن اليهود تكره وتبغض جبريل عليه السلام، الذي نزل بالوحي من الله تعالى على رسله، ويقولون هو عدوّنا من الملائكة، لأنه ينزل بالتكليف، وكذلك فإن الشيعة (الروافض) تقول غلط أو أخطأ جبريل بنزوله بالوحي على محمد ، وأن الرسالة كانت من نصيب شخص آخر (تعالى الله عز وجل عن أن يحدث في ملكوته غير ما يشاء وغير ما تقتضيه حكمته).
4- أن اليهود حرّفوا التوراة، وكذلك الرافضة (الشيعة الروافض)، فإنها حرَّفت القرآن الذي بين يديها وتعتقد بذلك، إضافة إلى أنها (الرافضة) تقول بأنه (القرآن) مخلوق.
(تعالى الله عز وجل عن ألا يحفظ كتابه الذي قد تعهد بحفظه للعالمين، علوًا كبيرا).
5- أن اليهود كانوا يؤذون ويقتلون أنبياءهم، ولقد آذوا نبي الله موسى كثيرًا، وافتروا عليه الافتراءات والأكاذيب وكذلك فإن الشيعة (الروافض) قد آذت رسول الله  في أهل بيته، حيث قد افترت الكذب على السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة رسول الله محمد ، ونسبت إليها الخيانة لعرض رسول الله (قاتلهم الله).
تعالى الله عز وجل عن ألا يحفظ خاتم أنبياءه وسله في أهل بيته، علوًا كبيرا.
6- أن الشيعة (الروافض) يدّعون بأن المهدي الذي يَنتظرونه، والذي سوف يلتفون حوله ويُقاتَلون معه، عند خروجه من السرداب (كما يزعمون كذبًا)، لن يحكم بالقرآن الكريم الذي أُنزل على النبي محمد r وإنما سوف يحكم بالتوراة، وما ذلك إلا لما أشرنا سابقا، من أن مؤسس تلك الفرقة المارقة الضالّة هو ابن سبأ اليهودي.
ولقد تشابهت فرقة الشيعة (الرافضة) مع النصارى في زواجهم، حيث: إن النصارى ليس لنسائهم صداقًا، وإنما يتمتعون بهن تمتّعًا، وكذلك فإن الشيعة (الروافض) يتزوجون بالمتعة، ويُرغبون فيه.
فالله تعالى لم يشرع ذلك التشريع (زواج المتعة) كتشريع نهائي باق إلى قيام الساعة لما ينتج عنه من الأضراروالمفاسد، ولم يكن لرسول الله  أن يجيز زواج المتعة كشريعة نهائية يعمل المسلمون بها إلى قيام الساعة، وذلك لأن مصدر التشريع الذي جاء به النبي محمد هو الله سبحانه وتعالى العليم الحكيم.
فلم تكن إجازة زواج المتعة سوى في فترة من فترات الرسالة، كإحدى الضرورات آنذاك، وكتيسير في بادئ الأمر ثم حُرِّم بعد ذلك تحريمًا نهائيًا إلى قيام الساعة، لما ينشأ عنه من أضرار ومفاسد بعد ذلك، ولما يترتب عليه من ضياع للأنساب، وعدم الاستقرار الأسري، ومن ثم عدم استقرار المجتمع.
فلقد كان الزنا منتشرًا في صفوف المجتمع العربي قبل مجيء النبي محمد  بالرسالة، لا سيما وأن مثل تلك البيئة الحارة تساعد على نمو وإثارة الغرائز الجنسية.
ثم بعد مجيء النبي محمد  بالرسالة وتحريم الزنا والخروج بالجيش الإسلامي في الغزوات نصرة للحق ودعوة إلى دين الله عز وجل (الإسلام)، في أيام طويلة وشهور، كان من الصعب على العربيّ أن يحدّ من شهوته وغريزته الفطرية تجاه النساء طوال هذه المدة البعيدة، بعد أن كان ذلك الأمر متاحًا ومُيّسرًا له في أغلب الأوقات، مما يجعل ذلك أمرًا شاقًّا عليه فكانت الضرورة والتيسير في إجازة زواج المتعة في فترة من الفترات، إلى أن صار تحريمه أبديًا إلى قيام الساعة، كما يقول بذلك علماء أهل السنة نظرًا للأدلة الدامغة والبراهين القاطعة، وفقًا للأحاديث الثابتة الصحيحة على ذلك، لا سيما وأن الفطرة السوية التي فطرنا الله تعالى عليها تأبى مثل ذلك الزواج (زواج المتعة) كشريعة نهائية باقية إلى قيام الساعة، وكذلك العقل الرشيد، لما ينشأ عن مثل ذلك الزواج من أضرار ومفاسد، قد أشرنا إلى جزء منها آنفًا.
ولكن الشيعة (الروافض) التي قامت على أسس قام بوضعها  الخبيث عبد الله بن سبأ اليهودي تطعن في الإسلام، لم تكن لتقبل إلا ما يتوافق مع أهواءها وشهواتها ومصالحها، بغضّ النظر عن كونه مُحرّمًا من الله تعالى إلى قيام الساعة.
لذلك: فإننا نجد من الشيعة (الروافض) من أصحاب المنزلة والمكانة بين صفوف مجتمعهم الشيعي،وحتى علماؤهم يأبون مثل ذلك الزواج لبناتهم، ويرفضونه، وإنما يبيحونه لغير بناتهم من فتيات ونساء المجتمع الشيعي، لما في ذلك من وسيلة لإشباع أهواءهم وشهواتهم ومطامعهم، أي أنهم يستخدمون باقي صفوف المجتمع الشيعي كوسيلة لإشباع غرائزهم الجنسية، والواقع شاهد ذلك .
فالشيعة (الروافض) ليسوا بحجة على الإسلام، وإذا ما قال أحدهم بحدوث زواج المتعة بعد وفاة رسول الله ، فإن ذلك قطعًا يكون محمولًا على من لم يبلغه تحريم مثل ذلك الزواج تحريمًا أبديًا إلى قيام الساعة، لا سيما وأن ذلك الوقت كان المسلمون منشغلون في مهمة نشر دين الله تعالى في شتى بقاع الأرض، ولم تكن وسائل الإتصال آنذاك تمكنهم من الإتصال السريع ببعضهم البعض.
والدليل على ذلك: أن ذلك الزواج (زواج المتعة)، كان قد تمّ بعد وفاة النبي محمد، ولكن ما إن علم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تحريم ذلك الزواج بعد أن كان مجازًا في فترة من الفترات، قام بمنعه.
ولقد انفردت الشيعة (الروافض) عن غيرها من اليهود والنصارى، بسبها وشتمها ، بل وتكفيرها لأصحاب رسولها.
فالشيعة (الروافض) يسبّون ويشتمون أصحاب رسول الله ، ويعتقدون كفرهم، عدا ثلاثة أو أكثر قليلًا (قاتلهم الله).
فالله سبحانه وتعالى هو العليم الحكيم، الذي قد اختار رسوله ، واختار له أصحابه (وزراءه) الذين هم أهلٌ لذلك الشرف وتلك المنزلة (شرف ومنزلة صحبته )، حيث يوءازرونه ويُناصرونه، ويضحون بأموالهم وأنفسهم في سبيل نشر دعوته.
ومع كل ذلك، تأبى الشيعة (الروافض) إلا البقاء على ما هم عليه من مثيل ذلك الفساد في المعتقد والخلل فيه.
فإنك إن سألت اليهود: من خير أهل ملتكم؟
أجابوا بلا أدنى تردد: أصحاب موسى عليه السلام.
وإن سألت النصارى: من خير أهل ملتكم؟
أجابوك بلا أدنى تردد: حواري المسيح.
ولكنك إن سألت الشيعة (الروافض): من شر أهل ملتكم؟
أجابوك بلا أدنى تردد: أصحاب محمد (قاتلهم الله).
فأصحاب النبي محمد  هم أول من آمنوا به وبدعوته، وصدقوا برسالته، وهم أول من ناصروه، وهم أول من نصروا هذا الدين العظيم (الإسلام)، فهم خير البشر بعد الأنبياء والرسل، رضي الله عنهم أجمعين.
ومن قليل ما أشرنا إليه، يتبين لنا: أن أهل السنة هم أهل الاتباع للحق، وهم من تقام بهم الحجة، وليس غيرهم كأولئك الشيعة الروافض الذين قامت فرقتهم على أسس منكرة قام بوضعها الخبيث عبد الله بن سبأ اليهودي.
وغير ما ذكرنا الكثير من معتقدات الشيعة الروافض الفاسدة، وفقههم الباطل، ولكن نكتفي بما قد أشرنا إليه.
فالحمد لله على نعمة الإسلام، وأن جعلنا من أهل السنة القائمين على الاتباع للحق الذي جاء به خاتم النبيين والمرسلين محمد .
19- ونجد أيضًا، من أعداء الإسلام (كالنصرانية وغيرها) من يروج إدعاءً كاذبا، يزعم فيه أن إله المسلمين من صفاته العجرفة والطغيان، من خلال تفسيرهم الهوائي (تبعا لأهوائهم وأحقادهم) لاسمين من أسماء الله تعالى، مذكورين في قرآنه، وهما (الجبار، المتكبر)، مدّعين أن الإله ليس من أسماءه هذين الاسمين المذكورين آنفا.
بداية نوضح: أن أعداء الله عز وجل، وأعداء دينه (الإسلام)، ليس لديهم الأمانة في النقل عن الإسلام، إذ أثاروا ما ليس بحق، فأخذوا وتركوا كيفما شاءوا، وحسبما يتفق مع أهواءهم ومرادهم، فأثاروا شبهة ساقطة معدومة، وروجوا لها، مستغلين في ذلك: جهل من يروجون له مثل تلك الشبهة،وعدم علمه بحقيقة الإسلام وما جاء به من توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته، وأسماءه وصفاته، وتنزيهه جل وعلا عن كل نقص وسوء.
ثم نشير ثانيًا إلى: أن أعداء الإسلام عندما أثاروا جدلاً باطلاً حول اسمين من أسماء الله تعالى، وهما (الجبار، المتكبر) تناسوا عن قصد أن من أسماء الله تعالى أيضًا عند المسلمين:
الرحمن، الرحيم، العفو، الغفار، الغفور، الودود، الرءوف، المنان، الكريم، اللطيف، السلام، الحق، ... إلى غير ذلك من أسماء الله تعالى العلية التي أخبرنا بها جل شأنه في كتابه وعلى لسان رسوله .
ثالثا: نشير إلى توضيح بسيط لهذين الاسمين الكريمين لله تعالى (الجبار، المتكبر) من كتاب (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، د/ محمود عبد الرزاق الرضواني)، بتصرف يسير، على النحو التالي:
(الجبار) في اللغة: صيغة مبالغة من اسم الفاعل (الجابر).
وأصل الجبر: إصلاح الشيء بضرب من القهر، ومنه (جبر العظم): أي أصلح كسره، و(جبر المريض): أي عالجه.
و(الجبار): اسم دل على معنى من معاني العظمة، وهو في حق الله تعالى وصف محمود، من معاني الكمال والجمال، وهو في حق العباد وصف مذموم من معاني النقص.
(المتكبر): اسم فاعل للموصوف بالكبرياء.
و(المتكبر): هو العظيم القاهر لعتاة وطغاة خلقه، إذا نازعوه العظمة قصمهم وأهلكهم.
فالكبرياء لا يكون إلا لله عز وجل، وليس لأحد من خلقه، وهو في حق الله تعالى مدح، ومن صفات الكمال والجمال، وفي حق العباد وصف مذموم من معاني النقص.
وإيجاز ما سبق: هو أن الله تعالى رحمن رحيم بعباده المؤمنين، رءوف بهم، يعفو عنهم، ويغفر لهم خطاياهم، إذا ما أنابوا إليه واستغفروه، ورجعوا إليه.
وأن الله تعالى هو المتفرد بصفة الكبرياء والعظمة وحدة، فهو الخالق وحده، وإذا ما نازعه أحد في كبرياءه وعظمته، أذله وأهلكه.
ومن ثم يتبين: أنه لا يصح أن يفسر أحد أسماء الله تعالى وفقا لمراده وهواه، آخذا منها ما شاء، متغافلا ومتناسيا لما لا يريده ولا يحقق مسعاه، مما به يفتضح أمره، ويبطل به كيده.
فالإسلام هو دين الله الحق، الذي قد جاء داعيا إلى وحدانية الله تعالى بشتى صورها، ومنزها له جل وعلا عن كل نقص وعيب وسوء.
رابعًا: نشير إلى شيء مما قد غفل عند أعداء الإسلام وتناسوه، وهو:
أن صفة (الجبر، والكبرياء) من الاسمين (الجبار، المتكبر) قد نص عليهما الكتاب المقدس للنصرانية في كثير من أسفاره، مثل:
-      ما جاء في (سفر أيوب 9:9): [صانع النعش، والجبار والثريا ومخادع الجنوب]
-      ما جاء في (سفر أشعياء 25: 11) [يبسط يديه كما يبسط السابح ليسبح فيضع كبرياءه مع مكايد يديه]
-      ما جاء في (سفر المزامير 47: 9): [... لأن الله مجان الأرض هو متعال جدًا].
واستفادة لما قد أثارته النصرانية من شبهة معدومة، تم إيضاح بطلانها، نوضح:
أن ما تزعمه النصرانية من أن الله تعالى خلق البشر لأنه يحبهم، إنما هو زعم يتناقض مع العقل، ومع ما جاء في كتابها، ومع ما يشهد به التاريخ، ونوضح ذلك في نقاط موجزة، كالآتي:
-      أن الإنسان يمرض ويبكي ويتألم.
-      أن بالكتاب المقدس للنصرانية ما ينص على: أن الله قد أمر اليهود بقتل الكثير والكثير، فهل ذلك يعني أن الله يحب من أمر اليهود بقتلهم (المقتولين)؟!
بالطبع: كلا
-      وأن التاريخ يشهد على الكثير والكثير من الطغاة الظالمين، ممن قد أثاروا الحروب، وقتلوا وشردوا واغتصبوا الملايين والملايين... وسعوا في الأرض فسادا، فهل مع ذلك نزعم أن الله تعالى يحب هؤلاء المفسدين، الطغاة، الظالمين؟!
بالطبع: كلا.
ومن ثم يتبين لنا التناقض والتضارب في زعم النصرانية، حتى من أبسط أمور العقيدة: كالغاية من خلق الله تعالى لعباده.
إذن، فإن القول الفصل في ما تزعمه النصرانية، هو ما جاء به الإسلام من توضيح:
بأن الدنيا إنما هي دار ابتلاء واختبار لأجل الآخرة، وليست جنة خلقت من الله تعالى حبا للبشرية.
وأن من نجح في هذا الابتلاء والاختبار، بالإيمان والتقوى والعمل الصالح، هو من يحبه الله تعالى، ومن ثم ينجيه من عذابه، ويسكنه فسيح جناته.
وأن من يسقط ويفشل في اجتياز هذا الابتلاء والاختبار، بالكفر والعصيان، هو من يبغضه الله تعالى، ومن ثم ينال عذابه، ويحرم من الفوز بجنته.
ويعلمنا الإسلام أيضا: أن الله سبحانه وتعالى عليم حكيم لا يظلم، فهو جل وعلا أعلم بما هو أهل للفوز بحبه تبارك وتعالى ومن ثم رضاه وجنته، وأنه سبحانه وتعالى أعلم بمن هو ليس بمستحق لذلك.
فالحمد لله تعالى على الإسلام العظيم الذي جاء بالمعتقد السليم القويم، هدى ورحمة للعاملين.
20- ومن أعداء الإسلام من يتساءل في مكر وخداع:
لماذا تأمر الشريعة الإسلامية بقطع يد السارق، ورجم الزاني بالحجارة؟! أليست في هذه الحدود عنف وقسوة؟!
بداية، وقبل أن نوضح بعض من الحكم الجليلة والفوائد العظيمة في هذان الحدان المشار إليهما كتشريع إسلامي، تنوه إلى:
أنه من رضي بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، ونبي الإسلام محمد  رسولا، وذلك بعد ما تضافرت الأدلة القاطعة والبراهين الدامغة على ذلك، والتي تتوافق مع الفطر السوية والنفوس والزكية والعقول الرشيدة)، فعليه أن يذعن بالاستسلام التام لله تعالى، والخضوع المطلق لجميع أوامره ونواهيه، ولشرعه الحكيم، مستيقنا بأن ما شرعه الله تعالى فيه كل الخير، والصلاح لأحوال عباده، والاستقرار للمجتمع المسلم.
فإذا ما كان الأصل صحيحًا سليمًا حقًّا (المعتقد الإسلامي في الإيمان بوحدانية الله تعالى والإيمان بملائكته وأنبياءه وكتبه والإيمان بالقدر وباليوم الآخر...، والذي يتوافق مع الفطر السليمة والعقول الرشيدة)، فإن ما نتج عنه من تشريع فإنه لا بد وأن يكون صحيحًا سليمًا حقًّا.
وننوه أيضًا إلى: أن في الأمر المشار إليه تفصيل.
فبالنسبة للسرقة: فليست أية سرقة تقطع فيها يد السارق حدا، وإنما يوجد حد أدنى لقيمة ذلك الشيء المسروق الذي تقطع فين يد سارقة.
غير أن من يسرق لسدّ جوعه (عند عدم إمكانية الحصول على ما يسد به جوعه) لا تقطع يده.
إضافة إلى أن حد السرقة لا يقام إلا عند ثبوت جريمة السرقة يقينا على مرتكبها (فاعلها)، وكذلك سائر الحدود، وذلك عند وصول الأمر إلى القاضي، أما إذا سرق السارق ولم يفتضح أمره، فيستحب أن يستر على نفسه، ومن ثم يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى.
وبالنسبة للزنا:
فليست أية جريمة زنا يرجم مرتكبها، فإن لم يكن الزاني قد تزوج قبل ذلك فإنه لا يرجم، وكذلك الزانية إذا كانت بكرًا لا تُرجم.
وأيضا، إذا كان الزاني عبدا (مملوكا) فإنه لا يرجم وإنما يجلد، وكذلك الزانية، وأيضا من أكره على الزنا، فإنه لا يقام عليه حد الرجم.
إضافة إلى أن حد الزنا، لا يقام إلا عند ثبوت تلك الجريمة المنكرة على مرتكبها (فاعلها)، وتثبت تلك الجريمة بأحد أمرين:
1-   الإقرار: وهو أن يعترف الزاني أو الزانية بفعل تلك الفاحشة.
2-   الشهود: وهو أن يشهد أربعة رجال من المسلمين الأحرار العدول بأنهم رأوا العضو الذكري لفلان (الزاني) في فرج (العضو الأنثوي) لفلانة (الزانية) كالمرود في المكحلة، وذلك أمر يصعب جدًا تحقيقه.
أما إذا زنى الزاني ولم يفتضح أمره، فيستحب أن يستر على نفسه، وكذلك الزانية، ومن ثم يجب عليهما أن يتوبا إلى الله تعالى.
إلى غير ذلك من التفصيلات في ذلك الأمر المشار إليه بالتساؤل الذي نحن بصدده، والتي يمكن الرجوع إليها في كتب الفقه الإسلامي.
فالإسلام لا يريد لمثل تلك الجرائم والفواحش أن تنتشر، ولذلك كان من اللازم أن يضع حدا زاجرًا لمثل تلك المنكرات.
ومن الحكم الجليلة والفوائد العظيمة في إقامة هذان الحدان المشار إليهما (حد السرقة، حد الزنا) كتشريع إسلامي:
-      سيادة الأمن والأمان بين صفوف المجتمع الإسلامي، واندثار الرذيلة، وانتشار الفضيلة، والنهوض بالمجتمع إلى أفضل وأرقى مكانة، وأشرف منزلة يرتضيها الله تبارك وتعالى.
فالحدود التي شرعها الإسلام تمثل حدودا زاجرة لكل من تسول له نفسه الخبيثة بأن يثير ويحدث القلق والزعر والاضطرابات بين صفوف المجتمع الإسلامي، وتمثل أيضا سدًّا منيعًا أمام كل من يحاول التفكير في أن يعبث ببنات المسلمين، وأن يهتك أعراضهن، وأن يلحق الأذى بالمسلمين في أعراضهم.
فإقامة هذه الحدود تكون في شهود وحضور طائفة من المسلمين، ومن ثم ينتشر نبأ إقامتها بيقين بين صفوف المجتمع، ومن ثم يعتبر الجميع بمن تقام فيهم هذه الحدود.
لذا، فإن الإسلام حينما شرع مثل هذه الحدود، إنما كان ذلك حفاظًا على الفرد والمجتمع والرقي بهما في شتى جوانب المعاملات والأخلاقيات إلى القمم السامقة، وندلل على ذلك أيضا:
أنه في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحدود التي أمرت بها نجد أن حالات السرقة أو الزنا أو غيرها من الجرائم إنما هي قليلة جدا، ولا تكاد تذكر إذا ما قورنت بحالات السرقة أو الزنا أو غيرها من الجرائم في المجتمعات التي لا تعيش في ظل الإسلام وتطبيق شرعه وإقامة حدوده، والمجتمعات الغربية وغيرها من البلدان الغير إسلامية برهان ذلك.
فأعداء الإسلام إنما يحسدوننا (المسلمين) من داخلهم  على هذه الشريعة القويمة التي قد امتن الله تعالى علينا بها، والتي يأمن في ظلها الفرد على نفسه وأهله وماله، والتي بها تنتشر الفضيلة ومكارم الأخلاق وتسمو المجتمعات إلى أعلى منزلة وأرفع مكانة، ومن ثم فإنه يجب على المسلمين في شتى أقطار الأرض أن يحتكموا إلى شريعة الله عز وجل، وأن يقيموا حدوده ليسعدوا في دنياهم، ويكون لهم الفلاح في أخراهم.

وختاما لهذا الفصل، نوضح:
أن مما أشرنا إليه من ردود موجزة على ما يحاول أعداء الإسلام إثارته وترويجه بالباطل، يتبين كذب ادعاءاتهم، وبطلان افتراءاتهم، وما يلجأون إليه من استخدام لأساليب ملتوية خادعة من أجل تحقيق مطامعهم الدنيئة وإشباع رغباتهم الفاسدة هجوما على الإسلام وأهله.
ومن ثم، فإنه يجب علينا: أن لا نلقي بأسماعنا لمثل هؤلاء الحاقدين الذين لا يألون سعيا وجهدًا في إثارة وترويج تلك الشبهات الواهية الساقطة، في استغلال منهم لجهل من يروجون له تلك الفتن والشبهات، بحقيقة الإسلام وما جاء به.
وأن تكون مرجعيتنا في مواجهة مثل هؤلاء الحاقدين إلى علماء الإسلام الربانيين المعتمدين، الذين لا يخافون في الله لومة لائم، والذين قد بذلوا وقتهم في تعلم هذا الدين والصدّ عنه من هجمات المعتدين الحاقدين.
أن على غير المسلمين المنصفين إذا ما أرادوا أن يتعرفوا على حقيقة الإسلام، أن يسمعوا منه، لا أن يسمعوا من غيره، لا سيما وقد أوضحنا كيف يحاول أعداء الإسلام الحاقدين أن يُلبّسوا بين الحق والباطل لتشويه صورة الإسلام.
وهذه الدعوة التي ندعوا إليها غير المسلمين إنما هي من العدل والإنصاف، ولا يمكن للعقل الرشيد أن يقبل غيرها.
ونسأل الله تعالى أن يوفق كل مبتغ للحق إلى ما فيه الخير والرشاد، وأن يرد كيد الحاقدين في نحورهم، وأن يبطل كيدهم، فهو جل وعلا ولي ذلك والقادر عليه.

ختامًا
لقد أشرنا في النقاط السابقة إلى موجز لمعتقد كل من الإسلام والنصرانية اليهودية.
ولقد تبين بجلاء لأصحاب الفطر النقية والنفوس الزكية والعقول السوية مدى صفاء العقيدة الإسلامية ونقاءها، وبساطتها ووضوحها، وخلوها من الشوائب والعكرات التي أصابت غيرها، ومن ثم سهولة فهمها واستيعابها من جميع الفئات والطبقات البشرية ومن جميع المستويات العقلية المختلفة، حتى وإن كانت ذات جهالة وأمية، وذلك دون إعنات للفكر أو قهر للذهن بأي صورة من الصور.
لذلك فإن ما أشرنا إليه وأوضحناه يعدّ شاهدًا دامغًا، ودليلاً بيّنًا وبرهانًا قاطعًا لأولى الألباب والبصائر على أن الإسلام هو دين الله الحق الذي ارتضاه ربنا تبارك وتعالى للعالمين، وأن من يبتغ غيره دينًا فلن يقبل منه وسيكون يوم القيامة من الخاسرين، مصداقا لقول الله تعالى:
﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
[سورة آل عمران آية: 85]


([1]) من كتاب: تعدد الزوجات، للشيخ/ مصطفى العدوي، نقلًا عن كتاب أضواء البيان، للشيخ محمد الشنقيطي.
([2]) من كتاب: تعدد الزوجات، للشيخ/ مصطفى العدوي، نقلًا عن كتاب أضواء البيان، للشيخ محمد الشنقيطي.
([3]) نفس المصدر السابق.
([4]) نفس المصدر السابق.
([5]) الختان شريعة الرحمن، بتصرف، د/ أسامة سليمان.
([6]) الختان شريعة الرحمن، بتصرف، د/ أسامة سليمان.
([7]) نفس المصدر السابق.
([8]) المصدر السابق، بتصرف يسير.
([9]) نفس المصدر السابق.
([10]) إظهار الحق، بتصرف يسير، للشيخ/ رحمة الله الهندي.
([11]) إظهار الحق، بتصرف يسير، للشيخ/ رحمة الله الهندي.
([12]) ماذا يقول الكتاب المقدس للنصرانية عن محمد r، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.
([13]) 500 سؤال وجواب في علم القراءات، بتصرف، جمع وترتيب/ ياسر سليمان.
([14]) نفس المصدر السابق، بتصرف.
([15]) إظهار الحق، بتصرف، للشيخ/ رحمة الله الهندي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق