الأحد، 25 ديسمبر 2011

مؤسس عقيدة التثليث في النصرانية



يعدّ بولس (قديس النصارى) هو مؤسس المسيحية القائمة على عقيدة التثليث (تعدد الآلهة)، كما نراها اليوم، وكذلك يعتبره النصارى أيضًا.
ولقد أدخل بولس في عقيدة النصرانية من الكفريات والشركيات، ما لم يقله المسيح عليه السلام، وما لم يدع إليه، وهذا ما يعترف به النصارى أنفسهم، غير أن
بولس (قديس النصارى) قد غيّر وبَدَّل في كتاب النصرانية الكثير والكثير، حيث إن (بولس) قد ألّف أسفارًا (يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية) كثيرة أكثر من أي مؤلف آخر من مؤلفي الكتاب المقدس للنصرانية.
وقد كان يكتب في رسائله المؤلفة من التعبيرات والمبالغات ما لا يفهم معناها حرفيًا، مما قد جعل من تعاليم المسيح فوضى هائلة.
والعجيب، أننا نجد: أنه في حين عدم كتابة المسيح عليه السلام كلمة واحدة من الكتاب الذي تقدسه النصرانية، وأن ما يُنسب إليه من ذلك الكتاب (الكتاب المقدس للنصرانية) لا يتجاوز الـ10%، مع عدم كتابته له، حيث يتضح ذلك فيما يسمى بإنجيل الحروف الحمراء (الذي يوضح نسبة الكلام المنسوب إلى المسيح باللون الأحمر)، نجد أن قديس النصرانية بولس قد تفوق على المسيح وقام بتأليف أكثر من نصف الكتاب المقدس للنصرانية وحده (وفقًا لما تمليه عليه أهواءه، حيث إن كلام الله تعالى لا يُؤلف)، وذلك هو سبب تفضيل (مايكل هارت) لبولس على المسيح في كتابه أعظم مائة في التاريخ.
ولذلك: فإننا نجد أن النصرانية على الدوام عندما تتحدث، تقول: قال بولس ... يقول بولس ...، ولا نجدها تتحدث بما تنسبه إلى المسيح في كتابها إلا نادرًا.
ولا شك: أن ذلك من التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية، والذي يشهد بعدم مصداقية كتابها، وأنه ليس إلا مؤلفًا من قِبَل العديد من المؤلفين، وفقًا لما تمليه أهواء ومعتقدات كل منهم، ومن ثم نجد التناقض البيّن بين محتوياته ومؤلفاته (الكتاب المقدس للنصرانية).
ومن العجيب أيضًا، أننا نجد: أن مؤلفي أناجيل النصرانية لم يعرفوا شيئًا عن قديس النصارى (بولس)، بل إن بولس نفسه لم يكن يعلم شيئًا عن الأناجيل الأربعة لدى النصرانية، مع أنه (بولس) وغيره أنبياء في زعمها (النصرانية).
ولا شك أن ذلك أيضًا من التناقض العظيم الذي تقع في النصرانية، والذي يوضح عدم مصداقية كتابها، والذي يتضمن أقوال ومؤلفات كل منهم.
حقيقة بولس ونشأته
ونوضح هذه الجزئية من كتاب (عتاد)، للشيخ/ أحمد ديدات، مع تصرف يسير، كالآتي:
لم يكن بولس أحد الحواريين الـ 12 للمسيح عليه السلام، وإنما كان يهوديًا اسمه (شاول)، وكان يضطهد المسيحيين الأوائل أشدّ الاضطهاد كما يعترف هو بذلك، ومع أنه لم يكن من الحواريين إلا أنه قد كتب وألّف أكثر من نصف كتاب النصرانية وحده، وقد روّج المسيحية (بمفهومه ومعتقده الذي أدخله فيها) في عقر ديار الدولة الرومانية، وقدّم لهم الكثير من التسهيلات المخالفة للشريعة المسيحية (تبعًا لهواه وما يمليه عليه عقله) لكي يتحولوا إلى المسيحية، وقدّم لهم المسيح (كإنسان إله) أو (إله إنسان)، وهي صورة مألوفة لدى الرومان الذين كانوا يتصورون الآلهة على صورة البشر.
تعالى الله عز وجل عن ذلك الإفك علوًا كبيرًا.
ولقد أباح بولس للرومان أيضًا: شرب الخمور، وعدم ضرورة الاختتان، تجرءً وافتراءً منه على الله تعالى وشريعته.
ثم كانت عاقبته (بولس) المخزية من الله تعالى له في الدنيا قبل الآخرة، أن تمّ قتله صلبًا بأمر من الإمبراطور نفسه، وهو الإمبراطور نيرون.
فبولس إنما هو يهودي الأصل، قام ببث سمومه في المسيحية، ومن ثم تحريف مسارها عن الصراط المستقيم.
ولقد حاول أيضًا أحد اليهود، وهو عبد الله بن سبأ، أن يُقلّد بولس ويتبعه، بأن يفعل في الإسلام نفس ما فعله بولس في المسيحية.
حيث حاول عبد الله بن سبأ اليهودي، أن يبث سمومه أيضًا في الإسلام، بعد أن ادّعى الإسلام نفاقًا (أي أنه ما زال على اليهودية)، فأخذ يطعن في أئمة المسلمين، ويثير الفتن المؤديّة للحروب بين المسلمين ... إلى غير ذلك، مؤسسًا بذلك الفرقة المارقة، وهي (الشيعة الروافض)، التي لا تعرف لله حقًّا، ولا لطريق النبي محمد r اتباعًا، ولا تعرف لأصحابه الكرام قدرًا، وهم (الصحابة الكرام) الذين صبروا على عظيم الإبتلاءات والمحن، والتضحية بكل غالٍ وثمين من نفس ومال ... في سبيل نشر هذا الدين العظيم (الإسلام) إلى كافة أنحاء الأرض.
فلقد قام عبد الله بن سبأ (اليهودي) بتأسيس تلك الفرقة (الشيعة الروافض) على الاعتقاد الفاسد في ذات الله تعالى والعديد من المعتقدات الأخرى الفاسدة، والقائمة على الطعن في كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) والقائمة على الطعن في آل بيت النبي محمد r (أزواجه الأطهار)، والقائمة على الطعن في أصحابه (أصحاب النبي محمد r) الكرام....، والقائمة على كثير من التشريعات الفاسدة (كزواج المتعة، واختلاس وسرقة الأموال بزعم جمعها لإمامهم المنتظر).... إلى غير ذلك من المعتقدات والتشريعات الفاسدة، والمفتراة على الله تعالى كذبًا وزورًا.
فلقد حاول عبد الله بن سبأ اليهودي، القيام تمامًا بعمل بولس في المسيحية، حيث إن (عبد الله بن سبأ) في بدايته قام بالرفع من مرتبة الإمام علي بن أبي طالب (أحد أصحاب النبي محمد r، ورابع الخلفاء الراشدين في الإسلام) إلى منزلة فوق منزلة من سبقه من أئمة المسلمين (أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان)، ثم قام برفع مرتبته (علي بن أبي طالب) إلى منزلة الألوهية، بعد أن ادّعى له الوصية بالخلافة.
وكان عبد الله بن سبأ اليهودي يحاول تأليه الإمام علي بن أبي طالب، مثلما فعل بولس بتأليه المسيح.
بل إن من التماثل والتطابق بين عبد الله بن سبأ اليهودي، وبين بولس المسيحية:
أن عبد الله بن سبأ بعد ما أن زعم ألوهية الإمام علي بن أبي طالب، زعم أنه نبي، محاكاة لما فعله بولس النصرانية، من تأليه للمسلح، وادّعاء لنفسه بالنبوة.
ولكن الفرق بين بولس المسيحية، وابن سبأ اليهودي:
أن بولس قد نجح في بث سمومه (من معتقدات باطلة وتشريعات فاسدة) في المسيحية، ومن ثم تحريف مسارها عن الصراط المستقيم.
بينما لم ينجح ابن سبأ اليهودي في ذلك، حفظًا من الله تعالى لهذا الدين الخاتم (الإسلام) الذي جاء به النبي محمد r.
ثم كانت خاتمة السوء لذلك اليهودي المنافق عبد الله بن سبأ شبيهة أيضًا بنهاية ذلك المخادع بولس، الذي قد قُتل صلبًا بأمر من الإمبراطور نيرون، خزيا من الله تعالى لهما في الدنيا قبل الآخرة.
عقيدة بولس والتناقض العظيم
إننا نجد الكثير والكثير من التناقضات والاختلافات في المسيحية، ولكن ما يثير العجب والدهشة: أن يُناقض بولس (قديس النصرانية) المسيح نفسه (إله النصرانية، كما في اعتقادها).
فبينما نجد أن الخلاص (النجاة) عند المسيح يكون بالتحقق بما ورد في الوصايا كما
(إنجيل متى 19: 16- 7)، نجد أن الخلاص (النجاة) عند بولس يتم بالاعتقاد في تأليه المسيح، ومن ثم صلبه وموته (أي صلب وموت الإله).
تعالى الله عز وجل عن ذلك الإفك علوًا كبيرًا
وذلك يوضح التناقض العظيم الذي تقع فيه النصرانية، ومن ثم بطلان ما هي عليه من كلام بولس.
وإضافة إلى ما سبق:
إننا نلحظ بوضوع فساد ما يدعوا إليه قديس النصرانية بولس، من معتقدات وتشريعات باطلة، ومن ذلك: رسالته إلى أهل رومية (8: 15)، حيث تقول:
«إن روح الله تدخل فيك، وتُصبح ولدًا لله، وتصرخ: أبا الباب ... فقد أصبح الآن الله أبوك، ويمضي ويقول: إنه قد أصبح الآن لك أيضًا أم جديدة».
ولذلك يوجد الآن من يطلقون على أنفسهم المولودين مرة ثانية، ويقولون: بأن أبانا الله (تعالى الله عن ذلك الإفك علوًا كبيرا).
ويتضح من ذلك الذي أشرنا إليه: أنه إذا ما كان الأصل (المعتقد) فاسدًا، فإننا لا نندهش مما قد يصل إليه المرء بعد ذلك، من عظيم الفحش والفساد في المعتقد الذي يؤمن به وكذلك التشريع الذي يتمسك به، والسلوكيات والتصرفات الصادرة منه، حيث إن المرء إذا لم يستح، فهو يصنع ما يشاء.
من تشريعات بولس
ها هو قديس النصرانية (بولس) يستطرد في بث سمومه في المسيحية، من خلال تشريعاته الفاسدة، التي لا تطيب لها نفس سوية ولا يُقرّ بها عقل رشيد.
فبينما نجد ما قد أثبته العلم الحديث من الأضرار والمفاسد الناتجة عن تناول الخمور والمسكرات، نجد أن قديس النصانية بولس يقدم للنصرانية الوصيّة بشرب الخمر عن الماء، ويفضله على الماء، على أن يكون ذلك وحيًا من الله تعالى، كما في الرسالة الأولى إلى (ثيموثاوس 5: 23).
تعالى الله عز وجل عن ذلك علوًا كبيرا.
وبذلك يكون قديس النصارى بولس قد وصف الله تعالى بالجهلِ وعدم علمه بما تسببه الخمور والكحوليات من أضرار لمتناوليها، ومن ثم عدم حكمته في تشريعاته وأحكامه (تعالى الله عز وجل عن كل ذلك الإفك علوًا كبيرا).
بل إننا نجد أيضًا أن قديس النصرانية بولس، قد ناقض وخالف ما جاء بوجوب الختان، كما في العهد القديم من الكتاب المقدس للنصرانية.
ولم يكتف بولس بمعارضته لما جاء في الكتاب المقدس للنصرانية، بل إنه قد هدّد كل من يختتن بأنه لن ينفعه المسيح بشيء، إلى غير ذلك من تشريعاته (تشريعات بولس) الفاسدة، النابعة من أهواءه ومن ثم يتبين لنا كذب بولس وافتراءه على الله تعالى، بل إنه يعترف بذلك.
من اعترافات بولس:
لقد اعترف بولس بكذبه على الله تعالى، كما ورد في رسالته إلى أهل روميّة (3: 7)، حيث يقول: «إن كان صدق الله، قد ازداد بكذبي لمجده».
بل إن من العجيب: أنه (بولس) يدافع عن كذبه وخطيئته، فيقول:
«فلماذا أُدان أنا بعد كخاطئ».
وغير ما ذكرنا الكثير والكثير من فضائح وأكاذيب قديس النصرانية (بولس).
ومما أشرنا إليه من الدلائل الواضحة، يكون البرهان والاستنتاج، بأن: قديس النصرانية بولس، ليس بنبي كما هو الزعم لديها، وإنما هو مفتر متجرئ على الله تعالى وأحكامه وتشريعاته، ومن ثم يتبيّن عدم مصداقية الكتاب المقدس للنصرانية، والذي قد ألف بولس أكثر من نصفه وحده، وأنه ليس بكلام الله عز وجل، وإنما هو كتاب مؤلف من قبل البشر، أمثال بولس وغيره.

نشأة عقيدة التثليث، ومن ثم عقيدة الصلب والفداء، وبطلانهما
إن المتصفح في الكتاب المقدس للنصرانية، يجد أنه كتاب قائم على جذور إغريقية (يونانية) بمفاهيم مغلوطة، حيث إن التراث الإغريقي (اليوناني) هو ما كان سائدًا في العالم حينئذ.
فقد كانت الثقافة اليونانية القائمة على تعدد الآلهة وتجسيمها هي المسيطرة في ذلك الوقت، ومن تلك النقطة كانت البداية في انحراف النصرانية عن توحيد الله تعالى، وإتجاهها إلى التثليث.
وقد انتشرت تلك العقيدة الفاسدة (التي تذمّ وتعيب الإله الخالق) في اليونان وإيطاليا.
ولقد شاع في الوثنيات القديمة اعتبار بعض الملوك والعظماء آلهة ومخلّصين للشعوب من الأزمات والخطايا، ويوضح ذلك ما ذكره السير (آرثر فندلاي) في كتابه (صخرة الحق)، حيث ذكر أسماء ستة عشر شخصًا اعتبرتهم الأمم آلهة سعوا في خلاص هذه الأمم، منهم:
أوزوريس في مصر (1700 ق.م)، وبعل في بابل (1200 ق.م)، وديوس فيوس في اليونان (1100 ق.م)، وكرشنا في الهند (1000 ق.م)، وبوذا في الصين (560 ق.م)، وبرومثيوس في اليونان (547 ق.م)، ومتر (متراس) في فارس (400 ق.م).
ونتيجة للغلو في محبة شخصية المسيح، اعتبرته بعض الطوائف إلهًا أيضًا، ثم نشأت عقيدة الصلب والفداء لوضع مُبرّر لنزول ذلك الإله على الأرض، ثم عملت على نشر ذلك المعتقد الفاسد.
ومن المعلوم أن أقدم إنجيل لدى النصرانية إنما هو باللغة اليونانية، على الرغم من أن اليونانية لغة لم يتكلمها المسيح عليه السلام، وذلك من التناقضات العظيمة التي تقع فيها النصرانية، والتي توضح أن الإنجيل الذي بين يديها الآن ليس من كلام المسيح، وإنما هو تأليف بشري، لكثير من المؤلفين، وفقًا لما تمليه عليهم الأهواء.
وعند الرجوع 1000 سنة ق.م، نجد أن التاريخ مليء بنقوش وكتابات تعكس إعجاب الناس بالشمس، والسبب في ذلك: أن الشمس تشرق كل صباح مُحضِرةً الرؤية والدفء، ومُنقذة للإنسان من الليل البارد... إلى غير ذلك من منافعها، التي هي بتقدير من الله تعالى.
فبدون الشمس، عرفت الثقافات أن المحاصيل لن تنمو، ولن تبقى حياة على الأرض.
فالحضارات القديمة تتبعث الشمس والنجوم، وقامت بتجسيد حركاتها وعلاقاتها ببعضها البعض في أساطير مختلفة.
لقد تمّ تجسيد الشمس بصفاتها التي قد جعلها الله تعالى سبًا في الإنقاذ على أنها الخالق، أو الإله الغير منظور، حيث كانت تُعرف بـ(شمس الإله) أو (نور العالم) أو (مُخلّص البشرية). وكذلك اعْتُبرت البروج الـ 12 الفلكية أماكن حلول شمس الإله.
فحورس هو إله الشمس عند المصريين القدماء (3000 ق.م)، حيث إن (حورس) هو الشمس المتجسدة كإنسان، وحياته عبارة عن سلسلة من الأساطير المستعارة من حركة الشمس في السماء.
فحورس (الإله الشمس المتجسد كإنسان) عند المصريين القدماء هو نفسه المسيح (الإله المتجسد كإنسان) عند النصارى اليوم، ويتبيّن ذلك جليًّا من قصة حورس الخرافية، المطابقة لما قد افتراه المسيحيون على المسيح من أوهام وقصص خيالية ونوضح ذلك، كالآتي:
-  وُلد حورس في 25 ديسمبر من العذراء إيزيس (ماري)، (كما يعتقد المصريون القدماء)، وأن ولادته قد ترافقت بظهور نجم في الشرق، ثم قام ثلاثة ملوك بتتبعها لتحديد المولود (المُخلِّص، كما في زعمهم).
-      وفي سن 12 سنة كان حورس صبيًّا كثير العلم، ومعلما.
-      وفي سن الـ 30 من عمر حورس، قام من يُدعى بـ(أنوب) بتعميده، وهكذا بدأ خدمته.
-      وأيضًا كان لحورس 12 تلميذ يجول معهم.
-      وقد صنع حورس أيضًا العديد من المعجزات (كما في زعم المصريين القدماء)، مثل شفاء المرضى، والسير على الماء.
-  وعُرف حورس بالعديد من الأسماء الإيحائية (كما في زعم المصريين القدماء)، مثل: الحق والنور، وابن الإله الممسوح، وحمل الإله، والراعي الصالح .... إلى غير ذلك.
-  ووفقًا لما في معتقد المصريين القدماء، نجد أن حورس (الإله الشمس المتجسد كإنسان كما في زعمهم) قد صُلب بعد أن خانه (تبفون)، ثم دُفِن (حورس) 3 أيام، وأنه قام بعد ذلك من بين الأموات.
ومما أشرنا إليه، يتضح: أن قصة حورس الزائفة عند القدماء المصريين، هي نفسها قصة المسيح المفتراة زورًا وبهتانًا من عُبَّاده المسيحيين اليوم، حيث إن الفرق الوحيد هو في اختلاف الزمان، وأسماء الأشخاص.
فتعالى الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرا.
فمن رضي في اعتقاده بإلهه وخالقه مثل تلك الأوهام والافتراءات، ومثل تلك النقائص والعيوب، كتجسده (الإله الخالق العظيم) في صورة بشرية كمخلوق ضعيف، ومن ثم صلبه وقتله، ودفنه بين الأموات، وقد صاروا أجسادًا بالية، مُتحلّلة، تسري الديدان القذرة بين أحشاءها ومن فوقها وعلى جنباتها، فعليه أن يؤمن أيضًا بحورس (إله الشمس عند المصريين القدماء)، لأنه لا فرق إذن بين أي من الاعتقادين الفاسدين، سواءً كان عند المصريين القدماء أو لدى النصارى اليوم.
والتساؤل المهم:
أنه إذا ما آمنت النصارى بما كان عليه المصريون القدماء، من اعتقاد فاسد، ولا سبيل لها غير ذلك، لأن كلتا القصتين متطابقتين، فأي من الإلهين أحقّ بالعبادة، حورس كما يعتقد المصريون القدماء، أم المسيح الذي يزعمون ألوهيته؟؟
(مجاراة لافتراءات النصرانية)
وإذا ما جازف أحدهم (أحد النصارى) عنادًا، واتباعًا للهوى، باختيار أحدها (وهو المسيح)، فهل يكون المسيح حقًّا هو الأحقّ بالعبادة، إذا ما علمنا أن هناك الكثير من القصص المزعومة عند القدماء (ق.م)، مُطابِقة لقصة المسيح (المُفتراة) عند النصارى اليوم، مع العلم بأن تلك القصص المتماثلة لقصة المسيح، هي أقدم وأسبق بكثير مما قد افترته النصرانية اليوم حول المسيح والزعم بألوهيته وعبادته، فهل يكون المسيح بذلك هو الأحق بالعبادة؟!
(مجاراة لافتراءات النصرانية)
فما قصة المسيح المزعومة لدى النصارى اليوم إلا نقل ونسخ لما كانت عليه الأمم السابقة من اعتقادات فاسدة، وزعم باطل.
لا شك: أنه لا التباس بين الحق والباطل، وأن الحق هو في غير مثل ذلك المعتقد الفاسد، الذي قد تناقلته النصرانية اليوم من الأمم السابقة، والذي يعيب وينقص من قدر وشأن الإله العظيم الخالق.
ونوضح: أن خِصال حورس المطابقة لافتراءات النصرانية اليوم بشأن إلهها المسيح، كانت موجودة في العديد من ثقافات العالم، حيث إن العديد من الآلة الأخرى (كما في معتقدات الشعوب السابقة) تحمل نفس الإطار الإسطوري العام، مثل:
-  أتيس (فرجيا): وُلِد من العذراء ناتا، في 25 من ديسمبر، ثم صُلب ودُفن، ثم بعد 3 أيام قام من بين الأموات (كما في زعمهم الباطل).
-  ومثل: كريشنا (الهند): وُلِد من العذراء ديفاكي، مع نجم في الشرق يُعلن ولادته، وأنه صنع المعجزات مع تلاميذه، ثم بعد موته قام أيضًا من بين الأموات (كما في معتقدهم الباطل).
-  ومثل دنيوسيس (اليونان): وُلد من عذراء في 25 ديسمبر، وأنه كان مُعلّما رحّالًا، صنع المعجزات مثل تحويله الماء إلى خمر (وفي ذلك تطابق لما تفتريه النصرانية على المسيح من أن أول معجزاته كانت تحويله الخمر إلى ماء)، وأنه سُمِّي بأسماء مثل (ملك الملوك) و(ابن الإله الوحيد المولود)، وأنه أيضًا بعد موته قام من بين الأموات (كما في معتقداتهم الباطلة).
-  ومثل ميترا (الفرس): وُلِد من عذراء في 25 ديسمبر، وكان لديه 12 تلميذ، وأنه صنع المعجزات، ثم بعد موته بـ 3 أيام قام من بين الأموات.
والعجيب: أن يوم عبادة ميترا (الفرس)، هو يوم الأحد .... إلى غير ذلك، من معتقداتهم الباطلة.
خلاصة الأمر:
أن هناك العديد من المُخلِّصين من جميع أنحاء العالم، يشتركون في الصفات العامة (كما هو الزعم الكاذب)، مما هو يدعوا إلى تساؤل مهم، وهو:
لماذا تلك الصفات؟ لماذا الميلاد العذري (من عذراء، أي بدون تدخل بشري) في 25 من ديسمبر؟؟
وللإجابة على ذلك التساؤل، نتعرّف على آخر المخلّصين وهو المسيح (كما هو الزعم لدى النصرانية)، والذي يعبده النصارى، ويقولون، بأنه إله مُتجسد في صورة إنسان.
فالمسيح، كما في زعم النصرانية: وُلِد من العذراء مريم في 25 ديسمبر في بيت لحم، وأُعلنت ولادته بنجم في الشرق، وقام بتتبعه ثلاثة ملوك، أو مجوس لتحديد وإهداء المُخلّص الجديد.
وأنه (المسيح) عندما كان عمره 12 سنة كان صبيًّا معلِّمًا.
وأنه (المسيح) عندما كان عمره 30 سنة، قام يوحنا المعمدان بتعميده.
وأنه (المسيح) كان له 12 تلميذ يتجول معهم، ويصنع المعجزات، مثل شفاء المرضى، والسير على الماء، تمامًا مثلما كان يعتقد المصريون القدماء في إلههم حورس الذي كان متجسدًا في صورة إنسان.
وأنه (المسيح) كان يُعرف بـ(ملك الملوك) و(نور العالم) و(حمل الإله) تمامًا مثلما كان يعتقد اليونانيون (في نيوسيس).
وأنه (المسيح) بعدما أن تمّت خيانته من يهوذا، تمّ صلبه، ووضع في القبر، ثم بعد 3 أيام قام من بين الأموات.
تعالى الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرا.
وهنا يبدو تساؤل جديد، وهو:
لماذا خصّص 25 ديسمبر بالميلاد العذري للآلهة المزعومة، دون غيره من التواريخ؟
الجواب: هو: لعل ما دفع إلى ذلك الوهم الباطل، والأكاذيب المفتراة، هو:
أنه في 25 ديسمبر تتحرك الشمس درجة واحدة شمالًا، مُبشّرة بطول الأيام.
ولعلنا نلحظ أيضًا: أن أكثر رموز فلكية تتعلق بتلاميذ مسيح النصرانية الـ 12 تلميذ، هي الأبراج الـ 12 في دائرة الأبراج الفلكية.
تساؤل آخر:
لماذا تتوهّم وتعتقد الشعوب السابقة (التي كانت تعبد الشمس وغيرها كآلهة متجسدة في صورة بشرية) ومن ثم النصرانية تابعة لها (حيث قامت بعبادة المسيح كإله متجسد في صورة بشرية) الموت لآلهتها المزعومة لمدة 3 أيام؟!
الجواب، لعل ما دفعهم إلى ذلك: أنه ابتداءً من يوم 22 ديسمبر تبدو الشمس وكأنها قد توقفت عن الحركة لمدة 3 أيام، وكأن فَناء الشمس صار أمرًا مُحققًا، وهو ما يُسمّونه توهّمًا (بموت الشمس)، وخلال تلك الأيام الثلاثة الفاصلة، تقع الشمس قرب تشكيلة الأبراج المُسمّاه بالصليب الجنوبي.
وفي 25 ديسمبر تتحرك الشمس بمقدار درجة واحدة شمالًا مبشرة بطول الأيام.
ولهذا السبب يُقال ماتت الشمس على الصليب لمدة 3 أيام فقط، لتقوم أو لتتولد من جديد.
ولهذا السبب يتشارك مسيح النصرانية، والآلهة الأخرى كالشمس وغيرها في الصلب والموت لمدة 3 أيام، والقيامة من الموت (افتراءً وكذبًا على الله تعالى).
فالمسيحية ليست إلا مُجرّد قصة رومانية، تطورت سياسيًا، ويسوع (المسيح) النصرانية هو الإله الشمس للمسيحية الغنوسية.
فالديانة المسيحية (النصرانية) في تصورها اليوم، ليست إلا محاكاةً ساخرةً لعبادة الشمس، حيث وضعت رجلاً يسمى يسوع (المسيح) مكان الشمس، ومنحته العبادة التي كانت أصلًا للشمس فالمسيحية في تصورها اليوم ليست إلا بناء على الباطل، كما يشهد التاريخ بذلك.

نقض عقيدة التثليث، وبطلانها
يقول إنجيل يوحنا: «لأن الشهود في السماء ثلاثة، الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة واحد» (رسالة يوحنا الأولى 5: 7).
فتلك الجملة هي أقرب إلى ما يسميه النصارى بالثالوث المقدس، وهو أحد دعائم النصرانية ولكن العجيب في الأمر (كإحدى التناقضات في المسيحية) هو أن مراجعوا النصوص المنقحة قاموا بحذف تلك الجملة، باعتبارها زيفًا عقائديًا، ولكن الترجمات الأخرى لكتابهم المقدس ما زالت تحتوي على تلك الفقرة السابق ذكرها (التي تمثل الإعتقاد الزائف لدى النصرانية)، والتي قد حُذِفت قبل ذلك من مراجعوا النصوص المنقحة([1]).
نقض وإبطال عقيدة التثليث بالدليل
والبرهان العقلي الدامغ
أ- إن النصرانية تقول بأن الآب هو الله، والابن هو الإله، والروح القدس هو الله، ولكنهم ليسوى ثلاثة آلهة، وإنما هو إله واحد.
-      وتقول بأن الآب قدير، والابن قدير، والروح القدس قدير، ولكنهم جميعًا ليسوا ثلاثة قديرين، وإنما هو قدير واحد.
-  وتقول بأن الآب شخص، أو أقنوم، والابن شخص أو أقنوم، والروح القدس شخص أو أقنوم، ولكنهم ليسوا ثلاثة أشخاص أو أقانيم، وإنما هم شخص أو أقنوم واحد([2]).
وذلك يُنافي أدنى درجات العقول.
فأي من اللغات تتحدث النصرانية بها، حيث تجعل الثلاثة واحدًا، والواحد ثلاثة.
فالفطر السليمة السوية السويّة، والعقول الراجحة الرشيدة تخالف وتعارض ذلك المعتقد أشد ما يكون التخالف والتعارض.
ب- وكما أشرنا، فإن النصرانية تعتقد بأن الإله عبارة عن ثلاثة أشخاص أو أقانيم، وهم الآب والابن والروح القدس، وأن هؤلاء الثلاثة هم واحد، وقد أوضحنا أن ذلك يخالف أدنى درجات المعقول، حيث إن ذلك يقود إلى الاعتقاد (عن طريق الاستنتاج) بأنهم (الأشخاص أو الأقانيم) غير منفصلين.
وبما أن النصرانية تعتقد أن الإله الابن (المسيح) قد عُذِّب وصُلب، ثم مات، فإن ذلك يعني: أن كلا من الآب والابن والروح القدس قد عُذِّبا أيضًا مع الابن لكونهما غير منفصلين عنه.
(مجاراة لافتراءات النصرانية على الله تعالى)
وذلك لأن النصرانية تعتقد أن الثلاثة أقانيم المتمثلة في الآب والابن والروح القدس، إنما هم واحد. ومن ثم فإن الإله الابن عندما مات، فإن ذلك يعني: أن الآب والروح القدس قد ماتا معه أيضًا، لكونهم غير منفصلين عنه (مجاراة لافتراءات النصرانية على الله تعالى).
وذلك يقودنا إلى تساؤل مهم، وهو: هل يموت الإله؟!
وإذا كان قد مات كما تعتقد النصرانية، فمن كان يُدبّر العالم الذي يحيا فيه، وغيره مما هو ليس بمعلوم لدينا؟!
وإذا كان إله النصرانية قد مات، فمن الذي أحياه بعد موته؟ هل هو إله آخر؟!
تعالى الله عز وجل عن مثل تلك الافتراءات التي تزعمها النصرانية، علوًا كبيرا.
وأعاذنا الله تعالى من فساد القلب والعقل، ونلوذ به سبحانه وتعالى من أن نُغمس في مثل ذلك المستنقع الروحي الذي تتمرغ فيه النصرانية.
ومما أشرنا إليه بإيجاز، يتبيّن لنا جليًّا بطلان عقيدة التثليث التي تزعمها النصرانية، والتي تتنافى مع أقل درجات المعقول، حيث إن الله تعالى قد وهبنا العقل لنعقل به، ونميز بين الحق والباطل من خلاله.



([1]) هل الكتاب المقدس كلمة الله، بتصرف للشيخ/ أحمد ديدات.
([2]) الخلاف الحقيقي بين المسلمين والمسيحيين، للشيخ / أحمد ديدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق