الأحد، 25 ديسمبر 2011

مما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية من تناقضات واختلاف في أصول معتقداتها، وادّعاءات بصلب المسيح



إن المسيحية (النصرانية) تزعم أن المسيح قد صُلب تكفيرًا للذنوب، ومحوًا للخطايا، وذلك وفقًا لمعتقد بولس، الذي يعتبر مؤسس المسيحية على مثل تلك الأوهام، ولكن كتابها الذي تقول بقدسيته يناقض ويخالف ذلك المعتقد في كثير من فقراته، مما يؤكد بطلان ذلك المعتقد والتحريف الذي قد نال منه.

وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح جانبا من تلك التناقضات والاختلافات مما قد أوضحه الشيخ أحمد ديدات في كتابه (صلب المسيح حقيقة أم خيال) بتصرف.
ومن تلك التناقضات والاختلاف من الكتاب المقدس للنصرانية في ادّعاءها بصلب المسيح:
1- عدم وجود الشهود على ذلك الحدث المزعوم.
حيث يخبر أحد مؤلفي الأناجيل (مرقس) في إنجيله (14: 5).
أن كل تلاميذ امسيح قد خذلوه وهربوا وقتما كان اليهود عازمين على صلب المسيح.
والتساؤل: من أين للنصرانية (المسيحية) إذن الادّعاء بصلب المسيح، على الرغم من أن تلاميذه (وهم المقربون والملازمون له عما سواهم) لم يكونوا شاهدين على تلك الواقعة المفتراة؟!!
لا شك: أن ذلك الزعم إنما هو ادّعاء كاذب، لافتقاده أدنى مقومات مصداقيته.
ولذلك: فإننا نجد أن المسيحية (النصرانية) تتحيّر وتتخبط في تلك المسألة (ادّعاء صلب المسيح) أشد ما يكون، لتناقضها مع الكثير من فقرات كتابها الذي تقدسه.
2- التناقض والاختلاف في مدة الصلب المزعوم.
فالمسيحية تزعم صلب المسيح على الرغم من تأليهها له، وأن صلبه كان يوم جمعة، لذلك فهم يطلقون عليها الجمعة الحزينة، ولذلك فإن أكثر البلدان المسيحية (كأمريكا وغيرها) تتخذ عطلتها الرسمية في هذا اليوم([1]) (يوم الجمعة)، حيث يقولون بأن إلههم (المسيح) قد مات على الصليب في ذلك اليوم (تعالى الله عز وجل عن ذلك علوًا كبيرًا).
ويزعمون (باطلاً) أيضًا أن المسيح قد وُضِع في مقبرته (على الرغم من أنهم يألهونه) أي: أنهم يزعمون أن إلههم قد صُلب ومات ثم دُفِن في مقبرة لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال، وفقًا لما ينسبونه إليه من قوله (المسيح) أنه سيكون مثل يونان (النبي يونس) عندما ظل في باطن الحوت ثلاثة أيام.
ويعتقدون (المسيحيون) أيضًا، أنه بمجيء يوم الأحد لم يكن المسيح في قبره.
والعجيب: أنه بحساب المدة التي ظل فيه المسيح في قبره (كما تزعم المسيحية) لا نجدها ثلاثة أيام وثلاث ليال كما يزعم المسيحيون، بل إننا نجد أن تلك المدة المزعومة كانت يومًا واحدًا وليلتان، وذلك ابتداءً من يوم الجمعة ليلًا إلى فجر يوم الأحد، حيث إن المسيحيين يقولون بأن إلههم (المسيح) لم يكن موجودًا في قبره في فجر ذلك اليوم (الأحد)([2]).
والتساؤل المهم:
من أين يأتي ذلك التناقض والاختلاف إذا كان ما بأيديهم (المسيحيين) هو كتاب الله؟!
وإذا كان التناقض والاختلاف سِمَة أساسية في أبسط مظاهر الإيمان لهم (للمسيحيين)، فما بالنا فيما يتعلق بطبيعة الله تعالى، ووحدانيته؟!!
لاشك، بأن الشيطان قد خدعهم (المسيحيين) طوال تلك المدة (أكثر من ألفي عام) وضلَّلهم، ولبَّس عليهم أمر دينهم في أمر من أكثر الأمور أولوية في عقيدتهم([3]).
لذلك: فإنه سرعان ما يزول العجب، إذا ما علمنا أن ما بأيديهم ليس إلا كتابًا مؤلفًا من كُتَّاب كثيرين تبعًا لأهواء وعقول كل منهم، فالأهواء والعقول تختلف من شخص لآخر، حيث إن ما يمليه عقل وهوى أحد المؤلفين عليه عند كتابه وتأليفه، غير ما يمليه عقل وهوى غيره من المؤلفين الآخرين.
ففي الوقت الذي نجد فيه أن مؤلفي الأناجيل صامتين عن موعد الدفن المزعوم لإله المسيحية (المسيح)، نجد أن كتبهم تخبر بعدم وجود الإله (المسيح) في قبره قبل شروق يوم الأحد، تناقض عجيب!!
حيث يجهل المؤلفون موعد الدفن المزعوم لإلههم (المسيح)، على الرغم من ادّعاءاتهم بالإلهام، وفي نفس الوقت تخبر كتبهم ومؤلفاتهم بعدم وجود الإله المزعوم في قبره قبل شروق يوم الأحد (تعالى الله سبحانه وتعالى عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا).
لذلك: فإن الكتاب الذي بين يدي النصرانية (المسيحية) لا يمكن أن يكون كلام الله تعالى، وأنه ليس إلا مؤلفًا بشريًّا لكثير من المؤلفين المجهولين.
3- تناقض واختلاف معجزة يونان (النبي يونس) عن النبوءة التي تنسبها النصرانية (المسيحية) للمسيح
فالنصرانية (المسيحية) تزعم أن المسيح كان مثل يونان، وهو النبي يونس عليه السلام، ولكن ما جاء كتابها الذي تقول بقدسيته، يدل على خلاف ذلك([4]).
فمعجزة يونان كما في الكتاب المقدس للنصرانية: أنه عندما ابتلعه الحوت بعد إلقاءه (يونان) في البحر من على السفينة بواسطة رُكّابها، بعد إجراء عملية قرعة واسقرارها عليه، ظل في بطنه (الحوت)، إلى أن لفظة الحوت على الشاطئ في اليوم الثالث([5]).
ولكن، من عجيب التناقض:
أنه من المعلوم أن يونان لم يكن ميتًا داخل الحوت، لأنه كان يسبح ويصلي لله طلبًا لنجدته أثناء وجوده داخل الحوت، بينما نجد أن المسيح كان ميتًا داخل قبره (كما تعتقد النصرانية)، وليس حيًّا([6]).
ومن التناقض البَيّن أيضًا:
أن يونان ظل داخل الحوت إلى اليوم الثالث، ولكننا نجد أن المسيح لم يظل داخل قبره سوى يوم واحد وليلتان([7])، كما أوضحنا سابقًا. (مجاراة لما تعتقده النصرانية من صلب وموت المسيح، مع زعمها بألوهيته).
ونوضح ذلك من الكتاب المقدس للنصرانية، حيث يقول:
«لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال كذلك يكون ابن الإنسان» (إنجيل متى 120: 4).
ومن ذلك، يتضح خطأ وبطلان تلك النبوءة التي يزعمها الكتاب المقدس للنصرانية، ومن ثم بطلان الزعم بقدسيته، ونسبته إلى الله تعالى، لأنه سبحانه وتعالى منزه عن الخطأ، ومنزه عن مثل تلك النقائص والعيوب.
4- تناقض صورة المسيح بعد الصلب المزعوم مع ما جاء بالكتاب المقدس للنصرانية من وصف للأجساد التي تقوم من الموت
إننا نجد أن في (إنجيل لوقا، إصحاح 20)، أن المسيح يخبر بأن الأجساد التي تقوم من الموت تكون طبيعتها روحية، أي أنها ليست في صورة بشرية من لحم وعظم.
ولكننا نجد أن المسيح يخبر (بعد انتهاء حدث الصلب المزعوم) أنه ليس روحًا، لأن الروح ليست لحم وعظام، وها هو الآن جسد بلحم وعظام، كما في إنجيل لوقا (24: 36- 43).
وكذلك، يتبيّن من إنجيل لوقا: أن المسيح لم يمت، لأنه لو كان قد مات لتحول إلى روح، كما ينص على ذلك الكتاب المقدس للنصرانية.
ومن ثم فإن إنجيل لوقا، الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، كأحد مكوناته، يُناقض الادّعاء بصلب المسيح، الذي هو من أصول معتقد النصرانية.
وذلك من التناقض العظيم الذي تقع وتتخبط النصرانية فيه.
5- موجز من الأدلة الدامغة على عدم صلب المسيح من الكتاب المقدس للنصرانية، ومن ثم التعارض مع أصل معتقدها.
أ- أن المسيح كان حريصًا على ألا يموت: حيث قد اتخذ ترتيبات للدفاع عن نفسه ضد اليهود الذين أرادوا صلبه وقتله([8]) (كما ينص الكتاب المقدس للنصرانية على ذلك):
ومن ثم فإن عقيدة الخلاص التي تؤمن بها النصرانية، لا أساس لها من الصحة، لأنها إن كانت صحيحة لكان من الأولى للمسيح أن يستسلم لمراد اليهود كي يُصلب ويُقتل.
وأيضًا: إذا ما علمنا أن المسيح كان حريصًا على ألا يموت (من الكتاب المقدس للنصرانية)، مع أن النصرانية (المسيحية) تدّعي ألوهيته، فهل يستطيع اليهود فعل نقيض ما يحرص عليه إله النصرانية؟!!
(تعالى الله عز وجل عن تلك الافتراءات التي تزعمها النصرانية علوًا كبيرا).
فإذا كان المسيح إلهًا (كما تزعم النصرانية) وأراد لنفسه البقاء، فهل يستطيع اليهود أن يتغلبوا على مراده (إله النصرانية) وهو أن يبقى حيًا، لا يموت؟!!
(تعالى الله عز وجل عن تلك الافتراءات التي تروجها النصرانية علوًا كبيرا).
لاشك: أن ذلك من التناقض البيِّن الذي يؤكد بطلان ادّعاء صلب المسيح، وعظيم الإفتراءات التي تنسبها النصرانية إلى الله تعالى.
ب- أن المسيح كما بالكتاب المقدس للنصرانية قد تضرَّع إلى الله كي يُنقذه، ويحفظ حياته([9])، وفي ذلك دليل بيِّن على بطلان عقيدة الخلاص التي تؤمن بها النصرانية (المسيحية)، حيث إنها (النصرانية) تزعم أن المسيح الذي تقول بألوهيته، قد قام بتقديم نفسه للصلب والقتل كفداء وتضحية منه، من أجل تخليص البشرية من إثم وخطيئة أبيهم آدم (عندما أكل من الشجرة التي نهاه ربه عن الأكل منها)، والتي تزعم (النصرانية) توارثها (توارث تلك الخطيئة عن آدم) للبشرية من بعده.
فلو أن المسيح كان مُضحيًّا مفتديًا بنفسه (كما تزعم النصرانية) لكانت تلك التضحية وذلك الفداء المزعوم عملًا راغبًا فيه قلبه، ومُحبَّبًا إليه، ولما تضرع إلى الله كي يُغيثه وينقذه ويحفظ حياته.
لذلك: فإن عقيدة الخلاص التي تؤمن بها  النصرانية (المسيحية) لا أساس لها من الصحَّة، ومن ثم فإن الادّعاء بصلب المسيح إنا هو ادّعاء باطل، وافتراء كاذب.
ج- أن الله كما في الكتاب المقدس للنصرانية، قد استجاب لدعاء المسيح في أن ينقذه ويبقيه ويحفظ حياته.
فإذا كان الله قد استجاب لدعاء المسيح في أن ينقذه ويحفظ حياته، فإن ذلك يعني أن الله يريد بقاءه حيًّا، ويُريد حفظه من الصلب والقتل، أي أنه عز وجل يريد نجاته من أيدي اليهود الذين يريدون صلبه وقتله، فهل يكون غير ما أراده الله تعالى؟!!
وهل تتغلب إرادة اليهود (البشر المخلوقين) على إرادة الله تعالى، وهو الإله الخالق؟!!
بالطبع: كلا.
إذن، فما الاستنتاج الذي نخرج به من ذلك التساؤل المهم؟
لاشك، أننا نخرج بجواب لا حياد عنه، ولا بديل له لصاحب فطرة نقية وعقل رشيد، وبحث عن الحق لاتِّباعه، وهو:
أن إرادة الله تعالى غالبة على كل شيء، ومن ثم فإن المسيح لم يُصلب ولم يُقتل، وإنما حفظه الله تعالى وفقًا لإرادته وحكمته.
د- أن المسيح كما جاء بالكتاب المقدس للنصرانية، قد أكل مرة ثانية بعد عملية الصلب المزعوم([10]).
فبما أن الكتاب المقدس للنصرانية يقول: بأن من مات فإنه لا يكون على هيئة بشرية، وإنما يكون روحًا، أي أنه لا يأكل.
إذن: فإنه بصلب المسيح، نستنتج أنه لن يأكل الطعام مرة ثانية، لأنه كما في زعم الكتاب المقدس للنصرانية يصير روحًا، لا يأكل.
ولكن ما حدث، كما بالكتاب المقدس للنصرانية، هو أن المسيح قد أكل الطعام مرة ثانية، مما يدل على أنه لم يكن روحًا، وإنما كان بشرًا بلحم وعظم.
ومن ثم فإن الاستنتاج البيّن، هو: أن المسيح لم يمت كي يصير روحًا (لأكله الطعام)، ومن ثم فإنه لم يُصلب ولم يُقتل، أي خلاف ما يدّعيه المبطلون.
هـ- أن المسيح كما بالكتاب المقدس للنصرانية، كان قد تنبّأ بأن معجزته ستكون مثل معجزة يونان([11]) (النبي يونس) ولكننا نجد أن يونان كان حيًّا، كما جاء بسفر يونان (بالعهد القديم) الذي تضمنه الكتاب المقدس للنصرانية كأحد مكوناته، بينما نجد أن النصرانية تزعم صلب وقتل المسيح، إضافة إلى تناقض المدة المزعومة في بقاء المسيح على الصليب مع المدة التي قد ظل خلالها يونان في بطن الحوت (كما أوضحنا في السابق).
والتساؤل المهم: من أين تكون المثلية بين معجزة يونان، وهي (إلقاءه حيًّا في بطن الحوت) وبين معجزة المسيح التي تزعم النصرانية (المسيحية) صلبه وقتله وموته ودفنه ؟!!
لا شك، أنه لا توجد أدنى مثلية، إلا في حالة واحدة، وهي: عدم صلب المسيح ومن ثم عدم قتله أو موته، بحيث تكون المثلية في نجاة المسيح مما أراده اليهود به، كما نجى يونان من بطن الحوت، ومن ثم تكون المثلية في نجاتهما هما الاثنين وبقاءهما أحياء.
وغير ما أشرنا إليه الكثير والكثير من الدلائل بكتاب النصرانية، التي تناقض وتخالف أصول معتقد النصرانية وادّعاءاتها الباطلة بصلب المسيح.
ولمزيد من هذه الأدلة، يمكن الرجوع إلى كتاب: (مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء) للشيخ / أحمد ديدات.
ومن العجيب:
أننا نجد أن الجزء الخاص بصعود المسيح إلى السماء قد حذفته النصرانية (المسيحية) من نسخة إنجيل لوقا (إنجيل لوقا إصحاح 24 فقرة 51)، والتي تقول بأن المسيح صعد إلى السماء، (أي أنه لم يُصلب)، على الرغم من أن تلك النسخة ترجع إلى أقدم المخطوطات لديها، وكذلك الحال في (إنجيل مرقس إصحاح 16 فقرة 19) والتي تقول: بأن المسيح قد صعد إلى السماء، أي أنه لم يُصلب.
فلقد حذفت النصرانية هاتين الفقرتين لتوافقهما مع معتقد المسلمين بأن المسيح لم يُصلب، ولم يُقتل، وإنما رفعه الله تعالى إلى السماء.
مما سبق يتضح لنا تضمن الكتاب المقدس للنصرانية واحتواءه على عظيم التناقضات والاختلافات في أصول معتقد النصرانية (المسيحية).
وأن الادّعاءات بصلب المسيح، إنما هي ادّعاءات كاذبة باطلة، لا أساس لها من الصحة.
ومن ثم نستنتج بطلان الكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته، وتنسبه إلى الله تعالى، لفقدانه مصداقيته، وتضمنه واحتواءه لمثل تلك التناقضات والاختلافات البيّنة الواضحة، والله سبحانه وتعالى منزّه عن النقائص والعيوب وعن أن يكون كتابه المتضمن لكلامه كذلك الذي نجده في كتاب النصرانية من تناقضات واختلافات بيّنه واضحة.
لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية ليس إلا مؤلفًا بشريًا، خاضعًا للأخطاء والتناقضات الجسيمة، لعديد من المؤلفين المجهولين.



([1]) من كتاب، صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ / أحمد ديدات بتصرف.
([2]) نفس المصدر السابق.
([3]) نفس المصدر السابق.
([4]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.
([5]) نفس المصدر السابق.
([6]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.
([7]) نفس المصدر.
([8]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.        
([9]) نفس المصدر السابق.
([10]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.
([11]) نفس المصدر السابق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق