الأحد، 25 ديسمبر 2011

مما قد حُفظ من الأناجيل مضمونًا إيذانًا بالرسالة الجديدة، العالمية الخاتمة (رسالة النبي محمد)



بداية، ننوه إلى: أنه على الرغم من أن الأناجيل (التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية) قد ضُيّعت وحُرِّفت، كما هو متضح، حيث إن أقدم إنجيل موجود إنما هو باللغة اليونانية، وهي لغة لم يتكلم المسيح بها، ولم يُدوَّن أي إنجيل في عهده (المسيح)، وكذلك فإن أقدم إنجيل موجود بين يدي النصرانية، إنما يعود زمانه إلى ما
يزيد على مائتي أو ثلاثمائة عام من زمن المسيح، على الرغم من ذلك كله إلا أنه قد بقيت بعض الإشارات مضمونًا إلى النبي الخاتم للأنبياء والرسل محمد ، والذي سوف يأتي بعد المسيح عليه السلام، مع ما في النص من تحريفات وإضافات واضحة([1])، مثل كلمة (الآب)، فمثل تلك الكلمة (الآب): إنما هي كلمة مُختلقة ملفَّقة، قد أضافتها النصرانية لتوافق معتقدها الفاسد في ذات الله تعالى، وقد أشرنا إلى ذلك سابقًا، (تعالى الله عز وجل عن إفك النصارى علوًا كبيرا).
والنصرانية نفسها لا تستطيع أن تنكر ما قد تنبأ به المسيح من مجيء من يتسلّم القيادة والريادة، ويرشد إلى الحق من بعده (النبي المنتظر بعثته بعد المسيح).
واليهودية نفسها كانت تنتظر إنجاز وتحقيق 3 نبوءات، وهي:
مجيء المسيح ومجيء إيليا ومجيء النبي المنتظر من بعدهما، كما يوضح إنجيل يوحنا
(1 : 25)، ولكن اليهود لم يؤمنوا بالمسيح وحاولوا صلبه وقتله، وقاموا بقتل النبي يحيى
(إيليا)، وكذلك حاول اليهود قتل النبي الذي كان مُنتظرًا بعثته وهو النبي محمد
، على درب (طريق) أسلافهم من قتل الأنبياء، وذلك على الرغم من أنهم كانوا ينتظرون إنجاز وتحقق هذه النبوءات الثلاث.
ولا غرابة في ذلك (فيما فعله اليهود)، إذا ما علمنا أن تكذيب الأنبياء وقتلهم هو دأب اليهود، لما تمليه عليهم طبائعهم الغليظة.
ونوضح: أن النبي الذي بشّر به المسيح لا يمكن أن يكون من تلاميذه، رغم أنهم النخبة (المجموعة) الخاصه به والمقرَّبة منه، وذلك لما وصفهم به المسيح من قلة الإيمان([2]).
ويتبيّن ذلك من الكتاب المقدس للنصرانية، حيث يذكر إنجيل متى:
أن المسيح قال لتلاميذه: «فقال (المسيح) لهم (تلاميذه) ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان»
(إنجيل متى 8 : 26).
«وقال (المسيح) له (بطرس) يا قليل الإيمان» (إنجيل متى 14: 31).
ومن المؤكد أن المسيح لا يقول إلا حقًّا، حيث إنه لا يكذب([3]).
ومن المؤكد أيضًا: أنه من المستحيل أن يكون النبي قليل الإيمان([4]).
فالله تعالى يُحسن اختيار أنبياءه، فهو سبحانه وتعالى مُنزّه عن سوء الاختيار.
وقال المسيح أيضًا لتلاميذه (كما في إنجيل لوقا):
«أيها الجيل غير المؤمن والملتوي، إلى متى أكون معكم وأحتملكم» (إنجيل لوقا 9: 41).
لذلك: فإن لا يمكن أن يكون النبي المنتظر بعثته بعد المسيح أحد تلاميذه، على الرغم من أنهم النخبة الخاصّة به والمقرّبة له.
ومن ثم، فإن النبي الذي بشَّر به المسيح لا يمكن أيضًا أن يكون أيضًا من غير تلاميذه، ممن عاصروه، أي أنه لا يمكن أن يكون النبي المُبشَّر به من قوم المسيح، لأنه إذا ما كان المسيح قد وصف المجموعة الخاصة به والمقرّبة له بذلك الوصف الرديء، فما بالنا بغير المقربين منه، لا سيما وأن قومه (قوم المسيح) رفضوه (المسيح)، ولم يقبلوه([5])، ويوضح ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا، ونصّه: «إلى خاصته (اليهود) جاء وخاصته لم تقبله (المسيح)» (إنجيل يوحنا 1: 11).
وللتعرف من الكتاب المقدس للنصرانية على صفات هذا النبي المُبشَّر به من المسيح في الإنجيل (الذي يتضمنه كتاب النصرانية)، نوضح أولاً: جزئية من الامتحان الذي أمر به المسيح، كما في الكتاب المقدس للنصرانية، حيث يذكر إنجيل يوحنا، أن المسيح قال:
«أيها الأحباء لا تُصدّقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم» (إنجيل يوحنا 4: 1).
فيتضح جليًّا من إسلوب كتاب النصرانية: أن (روح الله) تعني (نبي الله).
وأن (كل روح) تعني: كل نبي، فالنصرانية تعبّر عن النبي بكلمة الروح، وفي ذلك إشارة واضحة من كتاب النصرانية، أنه: سوف يأتي نبي صادق غير كاذب، حيث يقول كتابها (امتحنوا)([6]).
ومن ثم: فإنه لمعرفة صدق هذا النبي، فإنه لابد من امتحانه، لأن هناك أنبياء كذبة كثيرين. ومن علامة هذا النبي الصادق الذي قد بشّر بمجيئه الكتاب المقدس للنصرانية:
الاعتراف بالمسيح عليه السلام، وفقًا لما قاله يوحنا في كتابه: «بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح قد جاء في الجسد فهو من الله» (إنجيل يوحنا 4: 2).
وبالفعل، فقد جاء النبي محمد  مُكذّبًا لافتراءات اليهودية على المسيح، وادّعاءاتها الكاذبة بأنه ولَد زنا، ولكن دون مغالاة فيه، ودون تأليه له أو نَسْب إليه جزءً منها.
وبمشيئة الله تعالى، سوف نوضح الامتحان الذي أمر به المسيح (كما بالكتاب المقدس للنصرانية)، للتعرف على هذا النبي الصادق الذي قد بشَّر بمجيئه من بعده، وذلك بعد أن نشير إلى جزء من مواصفاته التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية، والتي لا تنطبق يقينًا إلا على النبي محمد ، خاتم الأنبياء والمرسلين، وبشارة أخيه المسيح عيسى عليه السلام.

فمن بشارات المسيح عليه السلام بالنبي محمد r، والتي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية، الآتي:
1- في إنجيل يوحنا (14: 26)، حيث ينص على:
«وأما المعزي (الذي هو الروح القدس) الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويُذكركّم بكل ما قلته لكم»
[But the comforter which is the holy spirit whom the father will spend in my name, he shall teach you all things and bring all things to your rememberance what so ever I have said in to you] (ohn 14 – 26).
بداية ننوه إلى: أنه قد أوضحنا سابقًا، أن ما بقي في الإنجيل من بشارات المسيح عليه السلام بالنبي محمد r، إنا هي بشارات ضمنية، تشير بوضوح إليه r، مع بقاء ما في النص (بإنجيل النصرانية) من تحريفات واضحة، نظرًا لضياع الإنجيل وتحريفه.
فكما هو بَيّن: إن أقدم إنجيل موجود إنما هو باللغة اليونانية، وهي لغة لم يتكلم بها المسيح، وكذلك فإنه لم يُدوَّن أي إنجيل في زمن المسيح (كما تعترف وتقرّ النصرانية).
وكما هو معلوم، فإن اليونانيين كان سائدًا بينهم الكثير من الأساطير والقصص الخرافية، والاعتقادات الباطلة بتعدد الآلهة وتجسدها في صورة بشرية ... إلى غير ذلك، كما أوضحنا سابقًا.
(تعالى الله عز وجل عن كل ذلك علوًا كبيرًا).
ومما هو بالنص السابق من تحريفات واضحة: كلمة الآب، فهي من الإضافات التي قد لجأت إليها النصرانية، حتى تتوافق مع معتقداتها الفاسدة، من تجسيد للإله في صورة بشرية، وختانه في صغره، وأكله وشربه وتبوّله وتغوّطه .... إلى غير ذلك (تعالى الله عز وجل عن افتراءات النصرانية علوًا كبيرا).
وننوه أيضًا، إلى:
أنه من الإضافات الزائدة بالنص السابق: (الذي هو الروح القدس)،
(
which is the holy spirit) حيث إن تلك الجملة المشار إليها ما هي إلا حشوًا زائدًا، وإضافة للنصّ كما في غيرها من الجمل المضافة، التي تضعها النصرانية داخل أقواس أو تبقيها دون وضعها بين الأقواس، وذلك حسبما يتفق مع متطلباتها وأهواءها، وذلك من أجل إبعاد ما في النص من إشارة إلى النبي الذي قد بشر المسيح بمجيئه من بعده، وهو النبي محمد ، وبرهان ذلك:
ما جاء في إنجيل يوحنا (4: 1)، حيث يذكر يوحنا أن المسيح قال:
«أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين خرجوا إلى العالم» (يوحنا: 4: 1).
حيث يتضح جليًّا من الإسلوب المصاغ به تلك الفقرات بإنجيل النصرانية، أن كلمة روح الله تعني: نبي الله، بدليل قول: لأن أنبياء.........
ومن ثم يتبيَّن لنا عظم التحريف الذي قد نال الكتاب المقدس للنصرانية، ولا يزال، حيث يخضع كتابها على الدوام لكافة صور التحريف، لا سيما إن كانت مضادة لنبي الإسلام، وبشارة المسيح عليه السلام، وبمجيئه من بعده.
ونعود ثانية إلى النص السابق وإشارته إلى النبي الذي قد بشر المسيح بمجيئه من بعده:
فـ (المعزي) الوارد ذكره في النص السابق، أو (المساعد) (
comforter) كما في النص الإنجليزي، والذي بشر به المسيح عليه السلام، وأنه سوف يأتي بعده، هو نفسه النبي الذي سوف يأتي بعد رفع المسيح عليه السلام.
وكما أشرنا في السابق، فإنه قد ثبت أن روح الله (كما في سياق كتاب النصرانية) تعني: نبي الله، وليس الروح القدس الذي تزعمه النصرانية، ويؤكد ذلك أيضًا ما جاء في إنجيل يوحنا (16: 7)، حيث يقول:
«لكني أقول لكم الحق خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزيّ، ولكن إذا ذهبت أرسله إليكم» (يوحنا 16: 7).
فمن النص السابق يتبيّن أن المعزّي ليس روحًا، ولكنه رجلًا، كما كان المسيح رجلًا، ويذكر إنجيل يوحنا أيضًا:
«وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق» (إنجيل يوحنا 16: 12 – 13).
وذلك يعني أن روح الحق (نبي الحق) بعدما يجيء (كما بشر بذلك المسيح) فهو يرشد إلى جميع الحق، ومن ثم فهو يقدم الحل الأمثل لأي من المشكلات الناشئة، والتي يعجز عن حلّها غيره.
ومثال ذلك: مشكلة المسكرات (الخمور)، ومشكلة العنصرية، ومشكلة النساء الزائدات عن الحاجة (التي لم تتزوج) في المجتمعات لا سيما المجتمعات الغربية، .... وغير ذلك من المشكلات.
فنجد أن الروح القدس الذي تزعمه النصرانية، وتعتقد بأنه أحد أقانيم ثلاثة لإلهها المزعوم، وتعتقد بأنه المراد من بشارة المسيح، لم يقدم (الروح القدس الذي تزعمه النصرانية) للنصرانية أدنى شيء من الحلول لمثل تلك المشكلات المشار إليها أو غيرها، وذلك خلال أكثر من ألفي (2000) عام مضت([7]).
ومن العجيب: أننا نجد في كتاب النصرانية، أن أول معجزات المسيح هي:
أنه (المسيح) قام بتحويل الماء إلى خمر، كما في إنجيل يوحنا (2: 7 - 10).
وبسبب تلك المعجزة المزعومة، والمفتراة كذبًا، ظلّت الخمر تجري كالماء في المسيحية([8])، ومن ثم انتشرت الجرائم والفواحش بسبب تلك المسكرات البغيضة، التي تفقد الإنسان عقله، وتجعله يتصرف بطريقة عشوائية بهائمية كالحيوانات، بل أحطّ منها.
ومن العجيب أيضًا: أن قديس النصرانية (بولس)، يفضح نفسه، وينصح بالخمر قائلاً:
«لا تكن فيما بعد شراب ماء، بل استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة» (تيموثاوث 5: 23).
والمسيحيون يتقبلون مثل تلك النصائح الفاسدة، الهالكة عن المسكرات، على أنها كلام الله الذي لا يخطئ، وهم يعتقدون (المسيحيون) أن روح القدس هو من ألهم واضعي الأناجيل بمثل تلك النصائح الفاسدة الهالكة([9]).
(تعالى الله عز وجل عن إفك النصرانية علوًا كبيرا).
والتساؤل المهم:
هل قدّم الروح القدس الذي تزعمه النصرانية، حلًا لأي شيء، أم أنه أفسد كل شيء (كما في نصيحة بولس الفاسدة، وغيرها)؟!!
لا شك، أنه أفسد كل شيء، وبرهان ذلك أيضًا:
أن هناك من القسيسين من تدرج في شرب الخمر إلى أن وصل إلى حدّ الإدمان في شرب الخمور والمسكرات بسبب ذلك الإلهام السئ الذي تزعمه النصرانية، من الروح القدس لبولس أو غيره (من مؤلفي الأناجيل وغيرهم)، حيث كانوا (القسيسين) يتناولون الخمور في التقليد الكنسي، بإقامة ما يزعمونه بالعشاء الرباني([10]).
وأما النبي محمد r فقد قضى على تلك الرذيلة وغيرها، بتحريم الخمر والمسكرات، قليلة كانت أو كثيرة، بتشريع إلهي حكيم([11]).
لذلك: فإن النبي محمد  هو (المعزّي)، و(المساعد comforter) كما في النص الانجليزي، الذي يرشد إلى جميع الحق، وليس أحد سواه مما تزعمه النصرانية.
ومن ثم، فإن النبي محمد r هو نبي الله الخاتم، الذي قد بشر المسيح بمجيئه من بعده.
2- وفي إنجيل يوحنا (16: 13 – 14)، بعد ما أخبر بإحدى صفات هذا النبي «يرشدكم إلى جميع الحق» الذي قد بشر بمجيئه المسيح من بعده، يخبر بصفة أخرى من صفاته، وهي: كما تقول الفقرة «ويخبركم بأمور آتية» (إنجيل يوحنا (16: 13 – 14).
وهذه الصفة إنما هي إحدى الصفات التي تنطبق بجلاء ، وبوضوح تام على النبي محمد ، حيث إنه  قد أخبر بغيبيات وحقائق علمية لم يكن لأحد أدنى معرفة بها في ذلك الوقت، والتي لم تُكتشف إلا في هذا العصر الحديث.
ولمزيد من التفاصيل في هذه النقطة، يُرجى الرجوع إلى المصادر الإسلامية التي توضح الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها:
أ- سلسلة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم (السماء ، الأرض ، الحيوانات ، النباتات ....) للدكتور/ زغلول النجار.
ب- سلسلة الإعجاز العلمي في السنة النبوية، للدكتور/ زغلول النجار.
جـ- مسموعات للدكتور/ زغلول النجار، عن الإعجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل (موسوعة القرآن والعلم الحديث).
د- إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، للأستاذ/ كريم نجيب الأعز.
هـ- هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة.
لذلك: فإن هذه الصفة المذكورة في إنجيل يوحنا تؤكد أن النبي محمد ، هو النبي المُبشّر بمجيئه من المسيح عيسى عليه السلام.
3- وفي إنجيل يوحنا، طبعة لندن 1821 ، 1831 ، 1844، يُخبر بأن المسيح قال:
«وأما الآن، فأنا ماضي إلى الذي أرسلني، وليس أحد منكم ليسألني أين تمضي؟ لكن لأني قلت لكم هنا قد ملأ الحزن قلوبكم، ولكن أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط».
وفي إنجيل يوحنا أيضًا، يخبر المسيح قائلاً:
«ابن البشر ذاهب والفارقليط من بعده يجيء لكم بالأسرار ويفسر لكم كل شيء، وهو يشهد لي كما شهدت له».
ويتضح مما أوردناه: أن إنجيل يوحنا يُبشّر بالرسول الذي قد أخبر المسيح بمجيئه من بعده، وذلك في قوله: «إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط»، وأيضًا في قوله: «ابن البشر ذاهب، والفارقليط من بعده يجيء».
ويتضح أيضًا: أن «الفارقليط»، هو من بشّر المسيح بمجيئه من بعده.
ولفظ (الفارقليط) يعني: الذي له حمد كثير، وذلك في اللغة اليونانية (لغة أقدم إنجيل بين يدي النصرانية) وهذا اللفظ (الفارقليط) يوافق معنى: أحمد، مثلما قال الدكتور (كارلونلينو)، الحاصل على دكتوراة آداب اللغة اليونانية القديمة.
وقال غيره: إن لفظ (الفارقليط) في القاموس العبري بمعنى الحمد، ويُشتق من الحمد، أحمد ومحمد، وهم يصدقان في نبي الإسلام .
فـ (محمد) و(أحمد) هما من أسماء رسول الله .
فرسول الله  محمود في الأرض، ومحمود في السماء، وقد آتاه الله عز وجل المقام المحمود في الآخرة.
لذلك: فإن النبي محمد  هو بشارة أخيه المسيح عليه السلام.
4- وفي إنجيل متى (1: 42)، يخبر المسيح عليه السلام عن أمّة هذا النبي  المُبشّر به، فيقول: «ألم تروا أن الحجر الذي أخّره البناؤون صار رأسًا للزاوية من عند الله، كان هذا عجيبًا في أعيننا، ومن أجل ذلك أقول لكم: إن ملكوت الله سيؤخذ منكم ويدفع إلى أمة أخرى تأكل ثمرتها، ومن سقط على هذا الحجر ينشدخ».
ونوضح ما ذكره إنجيل متى، مفصلاً:
أ- لقد قال النبي محمد  «مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى فأكملها وأتمّها إلا موضع لبنة منها، فجعل الناس يطوفون بها ويعجبون منها، ويقولون: هلا وضعت تلك اللبنة؟ فكنت أنا تلك اللبنة» [صحيح الجامع الصغير].
فيتبيّن لنا أن ما قاله رسول الله  يتوافق مع ما ذكره إنجيل متى في النص الآتي:
«ألم تروا أن الحجر الذي أخّره البناؤون صار رأسًا للزاوية من عند الله، كان هذا عجيبًا في أعيننا».
فاللبنة التي تأخر وضعها وأخبر بها النبي محمد  كمثال، وكانت مكملة ومتممة للدار، توافق التشبيه بالحجر الذي أخره البناؤون وصار رأسًا للزاوية (كما في إنجيل متى).
وكما أن الناس كانوا يعجبون من تلك الدار التي ينقصها اللبنة الأخيرة لإكمالها وإتمامها (كما في حديث النبي محمد r)، فإن تأخير الحجر المتبقى من البناءين عن وضعه في مكانه، كان أيضًا عجيبًا في أعين الناس (كما في إنجيل متى).
ب- لقد كانت العرب قبائل متناحرة، ومتقاتلة، متفرّقة بغير ملك أو سلطان أو رئيس، ولكن بعد مجيء هذا الرسول الخاتم للأنبياء والمرسلين محمد r، ألّف الله عز وجل بين قلوبهم، وجمع شملهم بقيادة نبيه محمد r، الذي آمنوا به وصدقوا برسالته، فأصبح للمسلمين دولة عظيمة، مُتسِعة الرقعة شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، بفضل من الله عز وجل، ونصره لهم.
وهذا يوافق ما ذكره إنجيل متى «إن ملكوت الله سيؤخذ منكم ويدفع إلى أمّة أخرى».
ج- لقد قال رسول الله : «مثل المسلمين واليهود والنصارى، كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار، فقالوا لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم، وخذوا أجركم كاملًا، فأبوا وتركوا، واستأجرا آخرين بعدهم، فقال: أكملوا بقية يومكم هذا، ولكم ما شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان العصر قالوا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي فعلت لنا فيه، فقال لهم: أكملوا بقية عملكم، فإن ما بقي من النهار شيئًا يسيرًا، واستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم، حتى إذا غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم وما قبلوا من هذا النور» [صحيح البخاري].
فما قاله رسول الله  يوافق ما ذكره إنجيل متى في «ويدفع إلى أمة أخرى تأكل ثمرتها».
د- أنه بعد مجيء النبي محمد ، وإيمان أصحابه به رضوان الله عليهم، بدأت الغزوات والفتوحات الإسلامية لنشر التوحيد، والدعوة إلى عبادة الله عز وجل وحده، دون أن يُشرك به شيئًا، ودون أن يُعتقد فيه جل وعلا اعتقادًا باطلًا، أو يُوصف بما هو ذمّ وقدح ونقص في ذاته جل وعلا، ومن ثم إقامة دولة الإسلام.
ولقد نصر الله عز وجل نبيه ، وأقرّ عينه بدولة الإسلام القائمة على توحيد الله عز وجل، والتعاليم السامية، والتشاريع القويمة، والمعاملات الكريمة على أسس من الخير والفضيلة، ثم تولّى أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، مهام نشر دين الله عز وجل في الأرض.
ولم تمر سوى سنوات قلائل، تمّ فيها فتح البلاد شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، ونُكّسَت رايات جميع من وقف صادًّا عن نشر دعوة الحق (الإسلام)، حيث انهزمت كل من امبراطورية الفرس والروم على أيدي المسلمين الفاتحين، ولم تعد لأي من الإمبراطوريتين قائمة.
ومن ثم كان ذلك موافقًا لما ذُكر في إنجيل متى «ومن سقط على هذا الحجر ينشدخ».
وغير ما ذكرنا الكثير من البشارات بالنبي محمد  في الإنجيل الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، ولذلك يتأكد لدينا:
أن النبي محمد  هو الروح الحق، الذي قد بشّر بمجيئه المسيح من بعده، وليس أحد سواه.
ونعود ثانية، إلى توضيح الامتحان الحاسم الذي قد أمر به المسيح كما ينص الكتاب المقدس للنصرانية، للتعرف على هذا النبي الذي قد بشّر (المسيح) بمجيئه من بعده، وهذا الامتحان الحاسم، هو: اختبار الحمض، الذي أراد المسيح أن تطبقه النصرانية على كل مُدّعٍ للنبوة، للتعرّف على النبي الحقّ الذي قد بشَّر به.
حيث يخبر إنجيل متى (7 : 15 – 20) أن المسيح قال:
«احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة، من ثمارهم تعرفونهم، هل يجتنون من الشوك عنبًا أو من الحَسَكِ تينًا، هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة، وأما الشجرة الرديّة فتصْنع أثمارًا رديّة، لا تقدر شجرة جيدة أن تضع أثمارًا رديّة، ولا شجرة رديّة أن تصنع أثمارًا جيدة، كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار، فإذا من ثمارهم تعرفونهم» (إنجيل متى 7: 15 – 20).
ونجد أيضًا، إنجيل متى (7 : 25)، أن المسيح قال فيمن بشّر بمجيئه من بعده: «من نتاجه ستعرفونه، فهل سيجني الرجال العنب من الشوك، أو هل سيجنون التين من الشوك؟ فكل شجرة طيبة تنتج ثمارًا طيبة، وكل شجرة خبيثة ... فبواسطة نتاجه ستعرفونه» (إنجيل متى (7 : 25).
فإذا ما طبقنا هذا الامتحان الحاسم المذكور آنفًا، على النبي محمد  نجد أن النبي محمد  قد جاء بالمعتقد السليم الصافي، الذي ليس فيه أدنى إفراط أو تفريط وليس فيه غلو النصرانية للمسيح أو تكذيب اليهودية وقذفها له.
ونجد أيضًا: أن النبي محمد  قد جاء بالشرع القويم، والعبادات الهادية، والتعاليم السامية، والدعوة إلى كل خير، وإلى الفضائل ومكارم الأخلاق، والأمر بكل برّ ومعروف، بالمعروف، والنهي عن كل رذيل ومنكر أيضًا بالمعروف.
ونجد أيضًا: في الكتاب الذي أُنزل على النبي محمد  (القرآن الكريم) رسالة كاملة متمّمَة لما جاء به رسول الله موسى وكذلك رسوله المسيح عيسى عليهما السلام.
ونجد أيضًا: أنه بعد مجيء النبي محمد  وقبول الناس دعوته وانتشارها، قد قامت الدولة الإسلامية الكبرى، ذات الرقعة الواسعة في شتى أقطار الأرض، القائمة على توحيد الله عز وجل، والقائمة على العدل وأسس الخير والفضيلة، واتسعت هذه الرقعة الإسلامية الواسعة، شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، لا سيما بعد أن انهزمت تحت رايتها (راية الإسلام والتوحيد الخالص لله عز وجل) كلا
من امبراطورية الفرس (عُبَّاد النار، التي هي من مخلوقات الله عز وجل)، وامبراطورية الروم
(عبّاد المسيح، الذي خلقه الله عز وجل وشرفه بالنبوة والرسالة كسائر الأنبياء والمرسلين)، ولم تعد لأي من الإمبراطوريتين أية قائمة بعد ذلك.
ولذا: فإن التشبيه الوارد ذكره بإنجيل متى «كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة» وكذلك «فإذا من ثمارهم تعرفونهم»، لا ينطبق إلا على النبي محمد ، الذي أقام الله عز وجل به دولة الحق (الإسلام)، والذي بشر المسيح بمجيئه من بعده.
وننوه إلى: أنه إذا لم يكن النبي محمد  رسولاً حقًا من عند اله عز وجل لكانت نهايته ونهاية دعوته وفشلها في إثمارها ثمارًا طيبة، ولكان خزي الله له، شأنه شأن من أخزاهم الله عز وجل من مدّعي النبوة والرسالة أمثال مسيلمة الكذاب وغيره، ولكن الحال على غير ذلك، حيث كان نصر الله عز وجل لنبيه محمد ، وتأييده تبارك وتعالى لدعوته ورسالته، ومن ثم نجاحها وإثمارها ثمارًا حسنة طيبة، وأيضًا فلقد أقام الله عز وجل به  دولة الحق (الإسلام) القائمة توحيده جل وعلا، وأقرّ عينه  بنجاح دعوته وإقامة هذه الدولة العظيمة، ألا وهي دولة الإسلام.
ولذلك: فإن النبي محمد  هو من بشّر المسيح بمجيئه من بعده.



([1]) محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الطبيعي لعيسى عليه السلام، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.
([2]) الاختيار بين الإسلام والنصرانية، للشيخ/ أحمد ديدات.
([3]) نفس المصدر السابق.
([4]) نفس المصدر السابق.
([5]) الاختيار بين الإسلام والنصرانية، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.
([6]) الاختيار بين الإسلام والنصرانية، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.
([7]) محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الطبيعي لعيسى عليه السلام، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.
([8]) نفس المصدر السابق بتصرف.
([9]) نفس المصدر السابق بتصرف.
([10]) محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الطبيعي لعيسى عليه السلام، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.
([11])  نفس المصدر السابق بتصرف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق